عنوان الموضوع : تقارير و بحوث التربية الاسلاميه - الامارات
مقدم من طرف منتديات بيت الامارات النسائي



آداب المعاملة بين الزوجين


بسم الله الرحمن الرحيم
*
*
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. وبعد
قال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات: 49] ،وقال: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} [يس : 36].
كم هي رائعة السنة الشرعية التي سنها الله في مخلوقاته حتى لكأن الكون كله يعزف نغمًا مزدوجًا. والزواج على الجانب الإنساني رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، وتتحقق به السعادة، وتقر به الأعين، إذا روعيت فيه الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية. قال تعالى: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان : 74].
وهو السبيل الشرعي لتكوين الأسرة الصالحة، التي هي نواة الأمة الكبيرة، فالزواج في الشريعة الإسلامية: عقد يجمع بين الرجل والمرأة، يفيد إباحة العشرة بينهما، وتعاونهما في مودة ورحمة، ويبين ما لكليهما من حقوق وما عليهما من واجبات.
وقد وضح الدين الإسلامي آداب التعامل بين الزوجين بأن حدد الحقوق والواجبات اللازمة على كل من الزوج
والزوجة بالمساواة بين الطرفين وبما يتناسب مع الطبيعة التي فطر الله سبحانه وتعالى كلا منهما عليه.
*
*
*
*
المودة والرحمة :

الزواج لا يكون آية من آيات الله ولا يكون عشا للسعادة ولا مركزا للتربية إلا إذا كان قائما على المودة والرحمة، أما المودة فهي أعلى درجات الحب ولا تكون كذلك إلا إذا كانت قائمة على غير المصالح الشخصية، والحياة الزوجية تحتاج للمودة من الزوجين وخاصة من الزوجة تجاه زوجها ومن هنا وجه النبي صلى الله عليه وسلم الباحثين عن زوجة بقوله ( تزوجوا الودود الولود) ، وكلما كان أحد الزوجين أكثر حبا للآخر كان أكثر ودا لشريك حياته، ومن هنا كان أهل الجنة قد جعل الله لهم عنده ودا.

والمودة فيها جانب مرتبط بطبيعة الإنسان لكن الجانب الأكبر والأعم والأغلب منها مكتسب ويمكن التطبع به لأنه مرتبط بكلام طيب من اللسان والمعاملة الطيبة .

أما الرحمة فهي بالدرجة الثانية بعد المودة ، لكن الرحمة قد توجد وإن لم يكن الود موجودا وكما قيل : ليس كل البيوت قائمة على الحب، والرحمة صفة مرتبطة بإنسانية الإنسان ومرتبطة بأخلاقه التي جبل عليها والتي راض نفسه عليها ودربها عليه.


ويمكن تحقيق المودة والرحمة بين الزوجين من خلال تربيتهما النظرية والعملية عليهما ومن خلال الأسوة الحسنة ومن خلال ربط حياتهما بطاعة الله تعالى وجعله سبحانه الحكم بينهما عبر الكتاب والسنة .[1]

*

الحقوق المتبادلة بين الزوجين :


أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته ، وكذا العكس ، ومن الحقوق الواجبة ما هو مشترك بين الزوجين وقد وضحها في القرآن الكريم وسيرة النبي الكريم .

*

حقوق الزوجة الخاصة بها : [2]
1. الحقوق الماليَّة :
أ - المهر : هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال تعالى : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } ، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز للمرأة وإكراما لها .
والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء ، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه ، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور .
ب - النفقة : وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها ، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحق النفقة .
والحكمة في وجوب النفقة لها : أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له .
والمقصود بالنفقة : توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام ، ومسكن ، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية ، لقوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة/233 ، وقال عز وجل : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) الطلاق/7 . *
وفي السنة :
وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 )
ج. السكنى : وهو من حقوق الزوجة ، وهو أن يهيئ لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى : ( أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم ) الطلاق/6.
*
2. الحقوق غير الماليَّة :
أ.*العدل بين الزوجات : من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته ، إن كان له زوجات ، في المبيت والنفقة والكسوة .
ب.*حسن العشرة : ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء/19 ، وقوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228.
وفي السنَّة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري ( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع . رواه البخاري ( 1068 ) .
ج. عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام ، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 438 ) .
ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة : عدم جواز الضرب المبرح.
عن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
رواه مسلم ( 1218 ) .
*
حقوق الزوج على زوجته :
وحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ، بل إن حقه عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) البقرة/228.
ومن هذه الحقوق :
أ - وجوب الطاعة : جعل الله الرجل قوَّاماً على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله به الرجل من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { الرجال قوامون على النساء } يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك . " تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .
*
ب - تمكين الزوج من الاستمتاع : مِن حق الزوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع ، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض وصوم الفرض والمرض وما شابه ذلك .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) .
*
ج - عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله : ومن حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته أحدا يكرهه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، ...." . رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 ) .
*
د - عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج : من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه .
وقال الشافعية والحنابلة : ليس لها الخروج لعيادة أبيها المريض إلا بإذن الزوج ، وله منعها من ذلك .. ؛ لأن طاعة الزوج واجبة ، فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب .
*
هـ - التأديب : للزوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا بالمعصية ؛ لأن الله تعالى أمر بتأديب النساء بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن .
وقد ذكر الحنفية أربعة مواضع يجوز فيها للزوج تأديب زوجته بالضرب ، منها : ترك الزينة إذا أراد الزينة، ومنها : ترك *الإجابة إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة ، ومنها : ترك الصلاة ، ومنها : الخروج من البيت بغير إذنه .
ومن الأدلة على جواز التأديب :
قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) النساء/34 .
و- خدمة الزوجة لزوجها : والأدلة في ذلك كثيرة ، وقد سبق بعضها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .
ح- معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف : وذلك لقوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228 .
قال القرطبي :
وعنه - أي : عن ابن عباس - أيضا أي : لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن .
وقيل : إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان ذلك عليهن لأزواجهن قاله الطبري .
وقال ابن زيد : تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم .
والمعنى متقارب والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية .
" تفسير القرطبي " ( 3 / 123 ، 124 ) .
*
الخاتمة :
*
شرع الله سبحانه الأحكام التي تحرض على الزواج و تنظم أموره وتضع الأسس للمعاملة بين الزوجين ، كما وحدد سبحانه الحقوق والواجبات المفروضة على كل منهما لما في إتباع ذلك من إيجاد للمودة و حسن العشرة بين الزوجين والذي تستمر به الحياة .ذلك كما أننا نرى المشاكل والخلافات بين الأزواج التي تنتج بسبب تقصير كل منهم في حق الآخر وما ينجم عن ذلك من شقاق وجفاء بين الزوجين ينتج عنه تفكك للأسرة وقد يصل للطلاق .
*
*




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

الاسرة اساس المجتمع

أ. استراتيجية الأسرة..
كيف، ولماذا بدأ التمزق الفكري، والانهيار الخلقي، ينهشان في جسم المجتمعات الغربية والشرقية، بالرغم من كل مظاهر المدنية والحضارة، والتقدم التكنولوجي؟
لاكتشاف الإجابة الصحيحة على هذا السؤال الخطير، الذي بدأ يستأثر اليوم باهتمام الكثير من المؤسسات التربوية، والثقافية في أنحاء عديدة من العالم. لابد أن تنكشف الأسس التي تقوم عليها هذه المجتمعات..
إنّ أول ما يلفت النظر في مثل هذه المجتمعات القائمة على أساس (مادية الحياة) أنها عمدت منذ زمان عتيق إلى إلغاء نظام الأسرة. وأقامت العلاقات الزوجية على مسرح الحياة الخليع المكشوف.
فهل هناك أية روابط متينة بين المجتمع ككل، وبين الأسرة حتى لا يتسرب الانهيار في الأسرة إلى انهيار تام في المجتمع؟
الواقع أن كل من ينظر إلى الأسرة عبر منظار الحقيقة سرعان ما يكتشف أن الأسرة هي اللبنة الأولى والأساسية في بناء المجتمع، وهي النقطة المركزية التي يمدّ منها المجتمع خيوطه في آماد بعيدة، وفي رحاب واسعة فتشكل وحدة بشرية مترابطة، ومتكاملة تعيش في إطار نظام عام، وتحيى على أسس ومناهج تمهد لكل فرد سبيل العيش الرغيد على سرير الطمأنينة المنبعثة من النظامية السائدة، والمنهجية المعتدلة.
ولكن كيف كانت الأسرة هي الخلية الأساسية في جسم المجتمع الكبير؟
إن الأسرة هي المؤسسة التي تتفتق عن فرد واحد يتجسد مع فرد آخر، ليقوما بدور واحد هو: تغذية مواهب أفراد آخرين، وتنمية طاقاتهم، ومن ثم تطعيمهم بالاعتدال، ليخلفا منهم أفراداً فاعلين في المجتمع، ولكن ذلك لن يتوفر لأية أسرة إلا إذا تأسست حسب نظام عائلي صالح، تخط اسمها في سجل المجتمع الكبير، لتقوم بدورها فيه بكل هدوء، وتنهيها بنجاح باهر.
والإسلام كمبدأ إنساني شامل يهتم بشؤون الأسرة اهتماماً بالغاً ـ بحكم نظرته الصائبة إلى الكون، والحياة، والإنسان ـ فيرسم الأنظمة الدقيقة التي تتكفل لـ(مؤسسة الأسرة) المناهج الإنسانية المتوخاة في شق طريقها الشائك في الحياة، لتتمكن من أن تطوي المسافات الزمنية بسلام، ولترفل في النعيم.. في مجتمع واحد تلفه سعادة بنيه، لأن سعادة، ورفاه الأسرة يعنيان بشكل محتم، سعادة، ورفاه المجتمع، كما أن انهيار الأسرة يعني زرع الألغام في أرضية هذا المجتمع، وتسجيل حتمية الانهيار له أيضاً.

ب. أهداف سامية..
يهدف الإسلام من تركيزه على ضرورة تنظيم الأسرة، ضمن مؤسسات إلى الأمور التالية:

1ـ نقل الجنسين من أجواء قد تحملهما إلى الفساد الخلقي، والفوضى الحياتية، إلى أجواء توفر لهما إشباع الغريزة الجنسية مع هدوء عريض، وسكون نفسي مستقر، وإلى أجواء ينعدم فيها الترهل، كما تنعدم فيها حمأة الأمراض الجنسية التي تنشأ من اللاسكون النفسي المنبعث من الحياة الفردية، البعيدة عن التزامات العائلية التي بدأت تتحكم في مصير المجتمعات المادية منذ أن قضت على (الأسرة) فسرى التبذل، والتهرؤ إلى عروق المجتمع، وانغرز عميقاً في الترهل الجنسي الموبوء.

2ـ خلق أجواء صالحة وملائمة لتربية الطفل، لأن الطفولة منطقة خصبة، تنزرع فيها كل نواة، وينمو فيها كل فسيل، والمجتمع الكبير ـ في إطاره العام ـ لا يمكن أن يقوم بتربية الطفل حسب الأسس الصالحة لأن المجتمع تتفاعل فيه تيارات متناقضة ذات مبادئ ومعتقدات متغايرة، لا يمكن أن يستقيم فيها الأخلاق والسلوك.
والأسرة باعتبارها وحدة صغيرة مصونة عن تسرب أي تناقض إلى داخلها إلا في أحيان نادرة، فهي ـ فقط ـ جديرة بأن تحتضن الطفولة بين ذراعيها، وتزرع فيها التربية الصالحة المعتدلة والسوية.

3ـ تشكيل مجتمعات صغيرة تقوم ـ هي بدورها ـ بتنسيق المجتمع الكبير ، وبصنع الإطار الواسع، ذلك لأن تكوين المجتمع الصالح مرة واحدة مهمة صعبة لا يمكن تحقيقها على مسرح الواقع، وعلى صعيد المجتمع، وإنما يجب أن يتكون عبر مجموعة من الأسر والعوائل الصالحة التي تربطها أواصر القرابة، وروابط الإنسانية المتينة.

ج. تنسيق الأسرة
يعتبر الزوج والزوجة منسأتان رئيسيتان في تكوين الأسرة، وعلى أكتافهما تتولد الأسرة وتصمد أمام زوابع المشاكل، والزوجان بإمكانهما أن يصنعنا من الأسرة مرفأ للسعادة، ورافداً للخير، وخليجاً للرفاه.
والنظم الإسلامية التي تدور حول تكوين الأسرة. وحول مسيرتها تصب كل اهتمامها على أن يبدأ هذا التكوين عن طريق رابطة مقدسة يلتزم بها الطرفان، ليس باعتبارها (عقد ترابط) بل باعتبارها عملية روحية يلتزم فيها الزوجان بالتنسيق لتحمل مسؤولية التربية...
ويخطط الإسلام لها مناهج دقيقة، ومنسقة لكي تبقى هذه الرابطة متينة وقوية ما دام الزوجان يسبحان في أجواء هذه الحياة الدنيا.
ومن أجل أن تتوطد العلاقة الزوجية يمنح الإسلام حرية مطلقة، للفتاة وللفتى ـ اللذين يسيران في دروبهما بعيدين عن إطار العاطفة، والهوى ـ في البحث عن أي شريك في الحياة ولا يقسر أي واحد منهما على اختيار شريك معين، فالديكتاتورية، والعنف في هذا المجال لا يولدان سوى عدم الانسجام بين الزوجين، وسوى نحر السعادة الزوجية من حياتهما، وأخيراً الانهيار الكئيب هو المصير المحتم لأية أسرة تشيّد على أساس الجبر والإكراه.
ومن أجل أن يحيا الزوجان في رفاه عريض.. ومن أجل أن تجعل العلاقات بينهما متينة قوية، فالشريعة الإسلامية تعدد المواصفات المادية والمعنوية الخيّرة التي يجب أن تتوفر في كل واحد من الجنسين على حد سواء، فعندما تبدأ المرأة بالبحث عن شريط حياتها يضع الإسلام أمامها قائمة مواصفات (الرجل الصالح) حتى يتكفل استقراراً أبدياً في حياتهما. فيقرر:

- أولاً: أن يكون الزوج مطعماً بالعقيدة الإسلامية الحية، وذلك:
أ. لأن العقيدة لو كانت موحدة بين الزوجين فسوف يخلق انسجام فكري وعقائدي بين الزوجين، وبذلك تتجنب الأسرة كافة النزاعات الدينية، والخلافات العقائدية، كما تتجنب أيضاً الأزمات التي تتوالد ـ غالباً ـ من جراء تناقض المعتقدات وإنما تسير عبر درب ينظمه برنامج واحد، ويرسمه لهما عقيدتهما الموحدة.

ب. ولأن الرجل الذي يتسربل بفكرة دينية، ويعتقد بها صادقاً لا تستفزه الخلافات السرابية، والنزاعات الزائفة التي ينسجها الوهم والخيال، فلا يقدم على تفكيك (مؤسسة الأسرة) وتفتيتها لأمور تافهة وساذجة، لا يعير لها منطق الحقيقة أي اهتمام.
ويصرح القرآن الحكيم بهذه المواصفة حين يؤكد:
(وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ..) (سورة البقرة: 221).
كما يؤكد:
(وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ..) (سورة البقرة: 221).

- ثانياً: إن الأسرة لا تسعد بالعنجهية، والمشاكسة والتكبر وإنما بالأخلاق الجميلة التي تتقاطر عبيراً، وتعبق عطراً. فالرجل لابد أن يكون مشحوناً بالفضائل والأخلاق الحميدة، كي يحلّق الاستقرار في جو الحياة العائلية، وكي ينساب الاطمئنان عبر شرايينها، ويتسرب إليها الارتياح، والهدوء، وكي لا يفصلها سياج أسود عن كل ما في الحياة من بهجة وسرور.

- ثالثاً: إن العقل المتكامل هو الذي يجب أن يغمر الرجل المختار، وهو الذي يقود الأسرة نحو الخير.. وكل الخير، ونحو الرغد.. كل الرغد، وهو الذي يهيئ لها عيشاً زاهراً، ومستقبلاً نيراً. أما الرجل الذي انقطعت عنه إمدادات العقل الحكيم، فيكون شوكة ناتئة في حياة الأسرة والمجتمع، وشظية مشتعلة تحترق بها الرابطة الزوجية بأسرع وقت، وتنهار بسببها العلاقة المقدسة في أول وهلة.
***
وهناك موقف واحد يسلب الإسلام فيه حرية الاختيار من الفتاة، وذلك فيما إذا كانت بكراً ولها أب، وهنا، فقط، يسلب الإسلام حرية الفتاة، ويضعها في يد الوالد ليبحث عن الزوج الذي يؤمّن لها حياتها المستقبلية، ويتعهد أن يسربل عيشها بالراحة وبالاطمئنان وبالرغد، ويتم الزواج ـ وطبعاً ـ بعد أن تختاره الفتاة بدورها ليكون ربّ أسرتها، ووالد أطفالها، ولكي لا تتمخض هذه الرابطة عن مصير سلبي يحمل الشقاء لهذا البيت.. ولكي لا تولّد الكآبة لهذين الزوجين.. ولكي لا تكون الأسرة مفككة الأواصر تحكمها مجموعة من السلبيات القاتلة.
***
هذا.. ويرسم الإسلام من ناحية أخرى مواصفات المرأة الناضجة التي يحبّذ للرجل أن يختارها إن أراد العيش الرغيد، والحياة الزاهرة حيث يقرر:
أولاً: أن تتسربل المرأة، هي الأخرى، بالإيمان الكامل، واحتضان العقيدة الإسلامية الحية، ذلك: بالإضافة إلى النتائج المتقدمة ـ لأن المرأة هي التي تصنع الطفل من الناحية الروحية، وترسم مستقبله ومصيره حسب نوع تربيتها، وتتحمل مسؤولية نموه البيولوجي والسيكولوجي، وتقوم ـ أيضاً ـ بتغذية الطفل بعقيدتها، بفكرتها، وبدينها، بين حين وآخر، فإذا كانت تحمل العقيدة الإسلامية كان لا بد أن يتخرج الطفل من مدرسة البيت ـ التي تسير تحت إدارة الأم ـ وهو يحمل بين ضلوعه عوامل الخير، والنبل والفضيلة.. وإذا بفؤاده مرفأ للأخلاق النبيلة، والقرآن الحكيم يعطينا إشارة مركزة إلى هذه المواصفات:
(وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ..) (سورة البقرة: 221، ومن الفقهاء من يجوّز نكاح المسلم لأهل الكتاب، ولذلك أيضاً فلسفة عميقة لا تخفى على الذكي).
ثانياً: الانطباع بالأخلاق السامية، لكي ينساب عبير الهدوء، والاطمئنان عبر أجواء الأسرة باعتبار أن الزوجة هي الركن الثاني في بناء الأسرة، ويقع عليها نصف مسؤولية هذه الخلية الأساسية في كيان المجتمع.
ثالثاً: الاكتساء بفستان العقل الناضج الذي يقود الإنسان نحو الخير.. نحو الحياة الفضلى.. نحو المصير المشرق لكيلا يتسرب إلى الطفل أي أثر فكري..
رابعاً: عدم إصابتها بالجدب التناسلي والعقم، فإن الهدف الأصيل من تأسيس الأسرة هو إنجاب الأطفال بصورة مستمرة والأسرة لا تسعد لو لم تضيئها قناديل الأولاد، ولا ترتاح الأم إلا إلى بكاء طفلها أو قهقهته، أو كلمة حلوة تتفتق عنها شفتاه، وكذلك لا يذيب إرهاق الأب إلا مداعبة ـ ولو قصيرة ـ لشعر طفله أو قبلة يطبعها على جبين ولده، أو ذراعين يكتنف بهما فلذة قلبه.
إذن فالجدب التناسلي في الزوجة يعني: الشقاء، وعدم ارتشاف السعادة وانعدام الارتياح، وبالأخير فقدان الهدف الأساسي الذي من أجله نظم الإسلام الأسرة ـ الخلية.. والذي من أجله التزم الوالد، سلسلة من المسؤوليات الزوجية.. والذي من أجله بدأت الوالدة لا تعبأ بإرهاق التدابير المنزلية، ولا تهتم لأي إعياء أو تعب، من أجل أن تقطف ـ بعد قليل ـ وردة حياتها، فتشمه من عبيره، وترتاح إلى جماله، وتأنس برؤيته.
خامساً: كساء العفاف يجب أن ترتديه تلك الزوجة المثالية التي يلزم أن يبحث عنها كل رجل يتطلع نحو الخير.. والرفاه.. والنعيم في أيامه المهرولة نحو مصب الزمن، فالابتذال في الأخلاق، والشذوذ في السلوك لابد وأن يتسربا إلى الأولاد.. إلى زنابق الحياة الزوجية، وتحترق بذلك الرابطة الزوجية المقدسة أمام عين الزوج فيحمل معول الهدم ليسجل الانهيار لمصيرها ومصيره.
كل تلك المواصفات، وكل ذينك الإطارين اللذين أطّر بهما الإسلام تارة الرجل، وتارة المرأة.. كل تلك من أجل أن ترفل الأسرة في روافد السعادة.. من أجل أن تغوص في خلجان الرغد.. من أجل أن تعانق النهاية المشرقة، والمصير الباسم الذاكي.
***
(.. كما أن الإسلام ينفي الفروق القبلية، والإقليمية وما إليهما، فالمسلم كفء المسلم مهما كانت صبغة أحدهما، وإن كان الزوج أو الزوجة دنيئاً في نسبه، أو سافلاً في حسبه..) (في ظل الإسلام، ص89، للإمام القائد السيد محمد الشيرازي).
فالعوامل الهامة التي تعمل تأثيرها العميق في سعادة الأسرة أو شقائها هي: الأخلاق الزاهية، والعقدية الإسلامية الموحدة والحالة الاقتصادية التي توفر لهما حياة سعيدة والعقل المتكامل الرائد. أما القومية، أو الإقليمية، أو القبلية، فكل هذه لا تتمكن أن تسيل العبير في إطار الأسرة، أو تسلب عنه السعادة.. لا تتمكن أن تؤثر لا في تشييدها، ولا في انهيارها ولذلك فلا يلتزم الإسلام بالنسبة إليها بخط معين، وبالعكس فالأسرة سوف تغمس في بؤرة الانحطاط، وتغوص في مستنقع ملتهب، ويغمرها فساد جذري قاس إذا بدأت تعاني من مشكلة عدم النضوج في العقيدة، أو الانحراف في الأخلاق، أو الأزمات في الحالة الاقتصادية، أو الشذوذ في العقل.
***
ولكي تبقى الآصرة أمتن.. ولكي تحيى الأسرة على أساس أوطد، تسمح الشريعة الإسلامية للرجل أن يتطلع إلى زوجته القادمة قبل أن يربط نفسه بروابط الزوجية، ومسؤولياتها الضخمة، فتجوّز له أن ينظر إلى وجه المرأة ويديها وقدميها ـ وكما يقول بعض الفقهاء ـ إلى مكامن جمالها أيضاً، كالشعر، والصدر، مثلاً، ليعرف فيما إذا كانت هناك معايب ناشئة قد لا يرغب فيها، أو تسبب له نفوراً جنسياً، وهكذا تسمح له الشريعة أن يستمع إلى حديثها ليتعرف على مستوى ثقافتها، وعلى عمق تفكيرها، واتزانها، كل ذلك من أجل أن لا تفاجأه معايبها ومكامن ضعفها في الحياة الزوجية، فتصاب الرابطة الزوجية بعقدة الفشل، ثم يروح من جديد يعمل لكي يقطع الحبل المقدس الذي شده بالعقد، فتعود المرأة إلى بيت أبيها تجر خلفها أذيال الخيبة، وربما تصيبها نكبة نفسية، فترفض كل زواج جديد ضريبة قاسية، وبذلك تحرم المجتمع من خلية واحدة ـ على الأقل ـ وتحرم نفسها من تكريس حياة إنسانية هادئة أرادها الله لكل إنسان.




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

المسئولية في الإسلام
" كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته *
*
*
( ... بسم *الله الرحمن الرحيم ...)
*
*
المقدمة
*
*
الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل ، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين ، جدد الله به رسالة السماء ، وأحيا ببعثته سنة الأنبياء ، ونشر بدعوته آيات الهداية ، وأتم به مكارم الأخلاق وعلى آله وأصحابه ، الذين فقههم الله في دينه ، فدعوا إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، فهدى الله بهم العباد ،وأعوذ بالله من شر نفسي وسيئات عملي، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداًوأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
سوف يتحدث هذه البحث عن : -
- صور من المسئووليات.

- معنى المسئوولية في الإسلام.
*
- المسئوولية الأسرية في تربية الأجيال.
*
- مسئوولية المجتمع في الحفاظ على سفينة الأمة.
*
- مسئوولية الإعلام في تحقيق مصالح الأمة.
*
- مسئوولية نصرة الدين مسئولية مشتركة.
*
- المسئوولية تجاه الأبناء في الإجازة.
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
فقد كنت أفكر ذات ليلة من ليالي سنة 1388هـ. – لمناسبة ما – في مسئولية الأمة الإسلامية أفراداً وجماعات عن القيام بواجبهـم كل فيما تحت يده.. قفز في ذهني الحديث الشريف: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته).*
وأخذت أتأمل فقراته، فسبحت في أطراف بحاره متأملاً تلك الروعة النبوية الشاملة التي لم تدع منفذاً يفكر أي فرد من أفراد المسلمين أن يتسلل منه فراراً من مسئوليته، إلا سدت عليه إحدى جمل هذا الحديث، فكنت أردد كل جملة على حدة عدة مرات..*
(كلكم راع وكلكلم مسئول عن رعيته...
الإمام راع ومسئول عن رعيته..*
والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته...
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها..*
والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته..*
وكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته..).

ولشدة ما أدهشتني ألفاظ هذا الحديث العظيم كنت أسأل نفسي هل قرأته قبل هذه الليلة..؟
ويكاد يكون الجواب: لا، لولا أن دليلاً مادياً قام على عكس هذا النفي، وهو حفظي لألفاظه التي كنت أرددها وأنا مستلقٍ على سرير نومي في جنح الظلام..

وهكذا بت ليلتي إلى أن طرق سمعي صوت المؤذن ينادي لصلاة الفجر.
وبعد أن صليت الفجر رجعت إلى سريري محاولاً إغماض أجفاني قليلاً، فلم يجرؤ النوم على ولوجها..

ثم قلت في نفسي: لا ينبغي أن تفوت هذه المشاعر وتُنسَى.. بل لا بد من تسجيلها، لعل المسلم الذي يتمكن من الإطلاع عليها يستيقظ قلبه لمسئوليته المنوطة به..

فاستعنت بالله تعالى وكتبت ما يسر الله لي حول هذا الحديث..
فكانت هذه العجالة التي لم يأخذ الحديث حقه منها، ولكنها تفتح الباب لذي علم غزير وباع طويل يستطيع أن يعطي المقام حقه..*

وإني لأنصح كل مسلم ومسلمة أن يكثروا من تأمل نص الحديث نفسه، ففي ألفاظه من المعاني التي تملأ القلب وتثير المشاعر، ما لا يستطيع اللسان أو القلم التعبير عنها..*

كيف وهي من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وسلم؟.*
وقد جعلت هذه التعليقات أربعة أبواب، حسب المسئوليات المذكورة فيه:
الباب الأول: مسئولية الإمام..
الباب الثاني: مسئولية الرجل..*
الباب الثالث: مسئولية المرأة..*
الباب الرابع: مسئولية الخادم..*
ويشتمل كل باب منها على فصول ومباحث مفيدة، أرجو الله تعالى أن ينفعني وإخواني المسلمين بها..
وأن يغفر ما زلَّ به القلم بدون قصد مني، وستر العيب من القارئ مندوب.. ونصحه ـ إن بدا له شيء ـ مطلوب، والله المستعان..
وهو حسبنا ونعم الوكيل..
وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
*
المسئولية

في ظل شريعة الإسلام يجد المرء نفسه مسئولاً أمام الله تعالى عن كل شيء، حتى على النعمة المنعم بها عليه. وتتوزع مسئولية المسلم في كل شيء، فهو مسئول عن نعمه، وعن بيته، وأولاده، والقيام بتربيتهم تربية سوية، وعن مجتمعه، ثم تأتي المسئولية الجماعية ولوازمها مبتدأة بالإمامة الكبرى في تحكيم شرع االله، ومسئولية تربية الأجيال، ومسئولية قيام البيت المسلم، ومسئولية الإعلام في نصرة الإسلام. ثم القيام بمسئولية النصيحة، والحفاظ على قيمة الوقت لاسيما في الإجازات.
صور من المسئوليات

إن الحمد لله، نحمدك ربي ونستعينك ونستغفرك ونتوب إليك، ونثني عليك الخير كله، سبحان ذي المنن والآلاء والعز والعظمة والكبرياء، المستحق لأعظم الشكر، وأجزل الثناء.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزه عن الأنداد والنظراء، والأمثال والشركاء، جعل كل راعياً ومسئولاً عن رعيته من الرجال والنساء، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله إمام الحنفاء، وقائد الأصفياء، وأفضل من شرع أسس الإصلاح والبناء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الشرفاء، وصحبه الأوفياء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان مادامت الأرض والسماء.*
فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا، اتقوه سبحانه في أنفسكم ومسئولياتكم؛ فتقوى الله هي العز من غير جاه ونسب، والشرف من غير منصبٍ وحسب، هي الغنى من غير مال، وبها صلاح الحال والمآل.

أيها المسلمون: مقومات نهضة الأمم والمجتمعات، ودعائم تشييد الأمجاد والحضارات، يكمن في العناية بقضية غاية في الأهمية، قضية تُعدُّ بداية طريق البناء الحضاري، ولبنة مسيرة الإصلاح الاجتماعي، والمتأمل في دنيا الناس اليوم وواقع الأمة المعاصر، يهوله ما تعيشه الغالبية الساحقة من شعوب العالم من حياة الفوضى واللامبالاة، وعلى الرغم من توفر كثير من الإمكانات، وتسيير كافة التسهيلات، مما تقذفه رحم المدنية المعاصرة من وسائل التقنيات، وما يفرزه الواقع اليومي من شتى المغالطات، وكثرة المتناقضات، مع نسيج المتغيرات والمستجدات.كلما أنبتَ الزمان قناة ركب المرء في القناة سنان والمسلم الحق يتلمس دائماً طريق الإصلاح ليعيد للأمة شيئاً من عافيتها، بعد أن اشتدت عليها الأزمات وكثرت عليها السهام والتحديات، وهنا يأتي بيتُ القصيد في قضيتنا المطروحة بحرارة كمخرج للأمة من نفق التيه المظلم، لتنهض من كبواتها، وتحقق طموحاتها، إنها قضية المسئولية.
معاشر المسلمين: إنَّ كلَّ لحظة من لحظات حياة المسلم تتجسد فيها المسئولية بكل صورها، أفراداً ومجتمعات، هيئات ومؤسسات، شعوباً وحكومات، روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته؛ فكلم راع وكلكم مسئول عن رعيته }.......

معنى المسئولية في الإسلام

إخوة العقيدة: المسئولية في الإسلام تعني أن المسلم المكلف مسئول عن كل شيء جعل الشرع له سلطاناً عليه، أو قدرة على التصرف فيه بأي وجه من الوجوه، سواء أكانت مسئولية شخصية فردية، أم مسئولية متعددة جماعية، فأما المسئولية الشخصية، فهي مسئولية كل فرد عن نفسه وجوارحه وبدنه، روحه وعقله، علمه وعمله، عباداته ومعاملاته، ماله وعمره، أعمال قلبه وجوارحه، وهي مسئولية لا يشاركه في حملها أحد غيره، فإن أَحسن تَحقق له الثواب، وإن أساء باء بالعقاب.*

روى الترمذي عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل فيه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه }.

كما أن المرء -يا عباد الله- مسئول عن لسانه أن يلغ في أعراض البُرآء أو أن ينقل الأراجيف والشائعات ضد الصُلحاء، وعن قلبه أن يحمل الضغينة والشحناء، والغل والحسد والبغضاء: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].

أخوة الإيمان! وأما المسئولية الجماعية فتتضمن أولاً: المسئولية الكبرى في الإمامة العظمى؛ وفي تحكيم شرع الله في أرض الله على عباد الله، وكذا القيام بالمسئوليات في الوظائف العامة عدلاً في الرعية، وقسماً بالسوية، ومراقبة لله وحده في كل قضية، وكذا الحفاظ على الأموال والممتلكات والمرافق العامة، فليست المسئوليات غنماً دون غرم، ولا زعماً دون دعم، وسيتولى حارها من تولى قارها، في بعد عن الخلل الإداري، والتلاعب المالي، والتسيب الوظيفي، فلا تصان الحقوق إلا بتولية الأكفاء الأمناء، والأخذ على أيدي الخونة السفهاء، قياماً بالمسئولية والأمانة كما شرع الله، وتحقيقاً لما يتطلع إليه ولاة الأمر وفقهم الله، وهو ما يحقق مصالح البلاد والعباد.

المسئولية الأسرية في تربية الأجيال

وفي إطار المسئولية الجماعية يأتي دور البيت والأسرة في حمل مسئولية التربية الإسلامية الصحيحة للأجيال المسلمة، وكذا معاقل التعليم المختلفة في تنشئة الطالبات والطلبة، ومسئولية المجتمعات في النهوض بالأفراد، ودور الإعلام في تهذيب الأخلاق والسلوكيات.

إخوة الإيمان: إن مسئولية تربية الأجيال، وإعداد النساء والرجال مسئولية عظمى، وإن قضية العناية بفلذات الأكباد، وثمرات الفؤاد من النشأ والأولاد قضية كبرى يجب على أهل الإسلام أن يولوها كل اهتمامهم؛ لأن مقومات سعادتهم -أفراداً ومجتمعات- منوطة بها. وإنما أولادنا أكبادنا فلذاتنا تمشي على الأرض.
ولذلك لا بد من الإعداد لها أيما إعداد، رسماً للمناهج، وإعداداً للبرامج، وتظافراً في الجهود، وتولية للأكفاء، لتتم المسئولية التربوية سليمة من تعثر الخطى، بعيدة عن التناقض والازدواجية، محاذرة للتقليد والتبعية، اعتزازاً بشخصيتنا الإسلامية، وشموخاً في مناهجنا الشرعية، مترسمين هدي القرآن الكريم ونهج السنة النبوية.

معاشر الأحبة: إنَّ البيت هو الركيزة الكبرى، وعليه المسئولية العظمى في بناء الفرد، وتقع على كاهله تحديد شخصيات الأبناء، وتكوين ملامحهم الإيمانية، والفكرية، والروحية، والأخلاقية.

فيا أيها المسلمون: ربوا أولادكم منذ نعومة أظفارهم على الإيمان بالله، واجعلوهم يستشعرون الأبعاد الحقيقة لكلمة التوحيد، بحيث يكون إيمانهم نابعاً من يقين ومعايشة، وإدراك لحقيقة الربوبية والألوهية، وفهم واضح لمعنى العبودية.

معاشر المسلمين: إن كثيراً من الأسر مع شديد الأسف لا تعنى كثيراً بتأصيل الفهم العقدي الصحيح، زاعمين أن التوحيد من المسلَّمات البدهية التي لا تحتاج إلى مزيد عناية، وتلك -وايم الله- من التسطيح في النظرة، ومن نتائجها توهين الأسس العقدية الصحيحة في نفوس كثير من الأبناء.*

والبيت لا يبتنى إلا له عُمد ولا عماد إذا لم ترس أوتاد فعلى الأسرة أن تجتهد في تصحيح سلوكيات أبنائها، وغرس المثل الإسلامية في نفوسهم، وتأصيل الأخلاق الحميدة التي جاء بها ديننا الحنيف، وليكن الأبوان قدوة حسنة لأبنائهم، فلا يكون هناك تناقض بين ما يمارسونه من سلوك عملي، وبين ما ينصحون به أبناءهم في ظلام وكلام نظري.*

وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه وإنها لمسئولية عظيمة أن يبني الأبوان شخصية أبنائهم على أساس العقيدة الصحيحة والاعتزاز بمبادئهم وتراث أمتهم، محاطين بالإيمان والهدى والخير والفضيلة، أقوياء في مواجهة المؤثرات المحيطة بهم، لا ينهزمون أمام الباطل، ولا يضعفون أمام التيارات الفكرية الزائفة.

فيا أيها الأباء والأمهات: اتقوا الله في أولادكم، كونوا قدوة لهم في الخير، وإياكم ثم إياكم أن تكلوا عملية تربيتهم للخادمين والخادمات، فهم ضرر على الأسرة لما يحملونه في الغالب من أفكار وأخلاق وعادات ثبت في الواقع خطرها، وثبت لدى كل غيور شرها وضررها، أبعدوهم عن قرناء السوء، تابعوهم في صلواتهم، وخلواتهم، وجلواتهم، كونوا الرقابة المكثفة المقرونة بمشاعل المحبة والحنان والشفقة.

حذارِ أن تتسلل إلى الأسرة ألوان من الغزو الفكري والأخلاقي، فتهدم ما بنيتموه، وتنقض ما شيدتموه، نشِّئوهم على الخير والفضيلة والهدى، والبعد عن الرذيلة والشر والردى.*

أيها المسلمون: كما تشمل المسئولية الأسرية حسن اختيار الزوجين على أساس الدين والأمانة والخلق، قال صلى الله عليه وسلم: {إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير } رواه الترمذي وابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.*

وبهذا الاختيار الحسَنَ، ينشأ جيل من الأفراد الصالحين الذين يحققون العبودية الخالصة لله رب العالمين.

كما تتضمن المسئولية الأسرية، حُسنُ العشرة بين الزوجين، والقيام بالواجبات، وأداء الحقوق، والتعاهد على التربية، يقول سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

فكيف يهنأ والد بالعيش وهذا الوعيد الشديد يطرق سمعه، وهذه العاقبة المحزنة تهدد أولاده، ألا فليتقِ الله القوَّامون على النساء من الأزواج والآباء، فليربوهنَّ وليأخذوا على أيديهنَّ، ويلزموهن بالقرار في البيوت والحجاب الشرعي، حتى لا يُفَتَنَّ ولا يَفتِنَّ، فيأتين على بنيان التربية من القواعد، وإن من الخطأ كل الخطأ والخيانة في الأمانة، إهمال قضايا المرأة في حجابها وعفافها واختلاطها بالرجال، والانسياق المحموم وراء الأزياء والموضات دون رقيب ولا حسيب.وتتضمن المسئولية الأسرية -يا عباد الله- تسهيل أمور الزواج وعدم المغالاة في المهور وتكاليف الزواج، والإسراف والتبذير وما يقع من منكرات في الأفراح.فيا أهل العفة والغيرة والحياء! يا أرباب الشهامة والرجولة والإباء! أليس هذا من الغش والخيانة، والتساهل في القيام بالمسئولية.

مسئولية المجتمع في الحفاظ على سفينة الأمة

أمة الإسلام: وتقع على المجتمع مسئولية كبرى في الحفاظ على سفينة الأمة، وفي تعميق الروابط فيما بين أفرادها من التواد والتراحم، والأخوَّة والتفاهم، انطلاقاً من الركيزة الإيمانية لا من المصالح الدنيوية والعلاقات المادية، ولقد عُني الإسلام بالمجتمع وتشييد أركانه، بصورة متماسكة في بنيانه أمام الأفكار المسمومة، والآراء المذمومة، فليتواصى أبناء المجتمع على عبادة الله وحده، وعلى الاضطلاع بمهمة الدعوة الإسلامية والحسبة، وإعلاء راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمام سيل المنكرات، وطوفان المحرمات، والأخذ على أيدي المستهترين، وإنَّ السكوت على الأيدي الآثمة هو في الحقيقة إثم أكبر من إثمها، وإجرام أبشع من إجرامها: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].

وهذا ما ينبغي أن تدركه الأمة الإسلامية لتعرف حقيقتها وقيمتها وتضطلع بمسئولياتها، وتعرف أنها أخرجت لتكون في الطليعة؛ لتكون لها القيادة؛ لأنها خير أمة: وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد:25].

مسئولية الإعلام في تحقيق مصالح الأمة

أيها الإخوة المسلمون: أما وسائل الإعلام في عصر التفجر الإعلامي، وثورة المعلومات والتقنيات، فمسئوليتها من أعظم المسئوليات، ولا سيما القنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية، فالله الله -أيها التربويون- في استثمارها لخدمة ديننا الحنيف.
وإن الغيورين ليأسفون أشد الأسف على المهازل الرخيصة، والجنوح اللامسئول مسئول بهذه الوسائل الإعلامية إلى ما يفرز ضد الأجيال إلى ما لا تحمد عقباه، في أعز ما تملكه الأمة في قدرات شبابها وفتياتها، فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله! معاشر الأحبة: إن للإعلام دوراً كبيراً في تشكيل عقول الأفراد، وتحديد معالم الشخصيات، وتوجيه السلوكيات، وغرس القيم والأهداف بما يحقق المصالح الخاصة والعامة، فليتق الله القائمون على وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فلا يقدم لأفراد الأمة ومجتمعاتها إلا كل ما يدعو إلى الخير والفضيلة، ويرسخ القيم الإسلامية الأصيلة، والمبادئ القويمة، والمُثلُ العظيمة، وعليهم أن يستنقذوا أبناء هذه الأمة من التشويش الفكري، والغبش العقدي، والعفن الأخلاقي، الذي ينعكس على حياتهم العملية، وسلوكياتهم اليومية، مما تعج به سماء القضاء، ويرتج منه الأرض والأجواء، فرحماك ربنا رحماك!

أيها الإعلاميون: الأعلام نبض الأمة، ومرآة المجتمع، فراعوا مسئولية الكلمة، وأمانة الحرف، وموضوعية الطرح، وشفافية الحوار، ومصداقية الرؤى، واعلموا أنه بالمبادئ والقيم وبالعقيدة والإيمان يتميز الإعلام عند أهل الإسلام، فكم تعاني المجتمعات البشرية اليوم من جرائم وحوادث، وكم تجرعت من ويلات وكوارث، لماذا ارتفعت معدلات الجريمة بما يذهل العقول؟ لم يكن ذلك ليحدث إلا لما أهمل الإنسان مسئوليته.

إن من مسئوليات الأمة العظمى التصدي لألوان الغزو السافر، ضد عقيدتنا ومقدساتنا، والإبانة عن الموقف الحق ضد الحملات، التي تشن ضد ديننا وقيمنا ومبادئنا، والوقوف بحزم وحصانة، ورعاية وصيانة، لصد اخطبوط العولمة المفضوحة، بالحفاظ على مميزاتنا الحضارية، وثوابتنا الشرعية، والتصدي القوي لما تقوم به الصهيونية العالمية، في دعم من القوى الدولية، ضد مقدساتنا في فلسطين المسلمة، وما يقوم به أشياعهم في كشمير والشيشان ، فمسئولية مَنْ مواجهة هذه الغطرسة الصهيونية الآثمة؟ وهذه الهجمة العدوانية العنصرية ضد أمتنا الإسلامية؟ إن كلاً منا على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قِبَله.
مسئولية نصرة الدين مسئولية مشتركة

إن حقاً على أهل الإسلام أن يقوموا بمسئوليات في تحقيق نصرة هذا الدين بكل ما أوتوا من إمكانات، وأن تتكاتف في ذلك جميع القنوات.

الأسر والبيوتات، الأباء والأمهات، المدارس والجامعات، المساجد والإعلام والمنتديات، الشعوب والحكومات، والمجتمع بكافة فئاته، ووسائل الإعلام بشتى قنواتها مسموعها، ومقروءها، ومرئيها، الكل يؤد واجبه، في التربية والبناء، وغرس القيم والأخلاق في البنات والأبناء، ليخرج جيل مثالي من الرجال والنساء، وبذلك يتحقق الأمر المنشود، ويتجدد المجد المفقود، والتطلع المعقود، وما ذلك على الله بعزيز.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28].

بارك الله لي ولكم في الوحيين، ونفعني وإياكم بهدي سيد الثقلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

المسئولية تجاه الأبناء في الإجازة

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وسع كل شيء رحمة وعلماً وتدبيراً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله أرسله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
فاتقوا الله -عباد الله- وقوموا جميعاً بما أنتم مسئولون عنه أمام ربكم، ثم أمام الأمة والتاريخ، فلقد علمتم عِظَم منظومة المسئولية؛ من الخدمة الصغرى إلى قمة الهرم في الإمامة العظمى.

واعلموا -يا رعاكم الله- أن مسئولية النصيحة في هذه الأوقات ما يحدث من ظواهر اجتماعية، في أوقات الإجازات، فيا أيها الآباء والأمهات: يا أيها الطلاب والطالبات: يا أيها التربويون في كافة القنوات: ماذا أعددتم لشغل الفراغ والأوقات مدة هذه الإجازات؟!

إن واجب النصح للأمة في هذه القضية المهمة ينبغي أن ينصب على كيفية شغل أوقات فلذات الأكباد، وثمرات الفؤاد بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع العظيم والخير العميم.

أيها الإخوة الأحبة في الله: إن فرص استغلال الوقت في هذه الإجازة -لا سيما للشباب والفتيات- كثيرة بحمد لله، فينبغي أن نحرص على الفرص الشرعية المباحة، والمناسبات المرعية المتاحة، وليحذر العباد من تضيبع الأوقات في المحرمات والمشتبهات.

ألا وإن أنَفس ما صُرفت فيه الأوقات؛ العناية بكتاب الله تعلماً، وتعليماً، وحفظاً، وتدبراً، وفهماً، وعملاً، وتطبيقاً، والقراءة والاطلاع على الكتب الشرعية النافعة، والالتحاق بالدروات العملية، والمخيمات الدعوية، والمراكز الصيفية، والمعاهد المهنية التي يقوم عليها أهل الخير والصلاح، والدعوة والإصلاح، بما يعود بفائدة كبرى في زيادة المعارف، وحفظ الأوقات، وتنمية المواهب واكتساب المهارات.

*
ولا بأس بإدخال الفرح على الأهل والأولاد في سفر مباح في محيط بلاد الإسلام، ولنا مع السفر والمسافرين حديث قادم بإذن الله.*
*

وألا وإن من غير المنكور وجود الأتقياء الأمناء في الأمة بحمد لله، ممن جدوا في أداء مسئولياتهم مستشعرين معية الله جلَّ وعلا فيها، حريصين على تقوية الوازع الديني وضمير الإحساس الإنساني في أداء حقوق الله وحقوق عباد الله، وبمثل هؤلاء يصلح حال الأمة، وتسعد مجتمعاتها بإذن الله، والله المسئول أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وإنه خير مسئول وأكرم مأمول.
*

ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على معلم البشرية، المبعوث بالحنيفية، خير من قام بالمسئولية، كما أمركم بذلك ربكم رب البرية، فقال تعالى قولاً كريماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على حبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفاءه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَ الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مُطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيدَّ بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه لما فيه صلاح البلاد والعباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد.

اللهم كن لهم على الحق مؤيداً ونصيراً، ومعيناً وظهيراً يا جواد يا كريم!*
اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان ، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود المعتدين، والصهاينة الغاشمين.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك فوق كل أرض، وتحت كل سماء يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] .
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.......
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
الخاتمة
*
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والشكر له سبحانه على توفيقه بأن يسر لي إتمام هذا الموضوع الذي كنت أتمنى دائماً أن أقدم ولو شيئاً يسيراً لخدمة الإسلام والمسلمين، فله المنة والفضل سبحانه أن يسر لي هذا حتى تم والحمد لله.
إن نعم الله عظيمة، وفضله كبير، فنسأل الله سبحانه أن يوفقنا إلى شكرها، والعمل بمقتضاها) رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين[393].




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

مشكور اخوي والله يوفقك ؟؟
؟ على الكلام الطيب....




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

المودة والرحمة بين الزوجين
الحمد لله
إن من أعظم مقاصد النكاح في شرع الله المطهر أن تسود المودة والرحمة بين الزوجين ، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبنى الحياة الزوجية . قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم /21 .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " المودة هي : المحبة ، والرحمة هي : الرأفة ، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها ، أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد " .
والنصيحة لك أخي المسلم وأختي المسلمة أن لا يغيب عن بالك المودة والرحمة اللتين ذكرهما الله تعالى في الآية الكريمة بين الزوجين ، وأن تتأملي في حال أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لاسيما دور السيدة خديجة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاجتهدي في إسعاد أسرتك وسوف تجدين أثر ذلك خيرا إن شاء الله .
ومن أكبر أسباب كسب القلوب البشاشة وإلانة القول كما جاء عن بعض الصالحين : " إنما البر شيء هين ؛ وجه طلق وقول لين " فتكلفي هذا البر مع زوجك - حتى يصير سجية لك - تكسبي قلبه وتنعشي في قلبه المودة والرحمة نحوك .
بل قبل ذلك كله ، وفوق ذلك كله ، قول ربنا الرحمن جل جلاله : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) . فصلت/34-35
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : " أي: لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى، ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه، ولا يستوي الإحسان إلى الخلق، ولا الإساءة إليهم، لا في ذاتها، ولا في وصفها، ولا في جزائها { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ }
ثم أمر بإحسان خاص، له موقع كبير، وهو الإحسان إلى من أساء إليك، فقال: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق، خصوصًا من له حق كبير عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم، إساءة بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فَصلْهُ، وإن ظلمك، فاعف عنه، وإن تكلم فيك، غائبًا أو حاضرًا، فلا تقابله، بل اعف عنه، وعامله بالقول اللين. وإن هجرك، وترك خطابك، فَطيِّبْ له الكلام، وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة .
{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } أي: كأنه قريب شفيق.
{ وَمَا يُلَقَّاهَا } أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة { إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا } نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان؟".
فإذا صبر الإنسان نفسه، وامتثل أمر ربه، وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله، لا يفيده شيئًا، ولا يزيد العداوة إلا شدة، وأن إحسانه إليه، ليس بواضع قدره، بل من تواضع للّه رفعه، هان عليه الأمر، وفعل ذلك، متلذذًا مستحليًا له.
{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } لكونها من خصال خواص الخلق، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق " انتهى .
تفسير السعدي ص (549-550) .
وإذا كان هذا كله في حق الخلق ، فكيف في حق زوجك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ) رواه أبو داود (2140) واللفظ له ، والترمذي (1192) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1203) .
وإذا كنا بدأنا بالحديث إليك ، أيتها الأخت الكريمة ، فلأنك التي سألت ، وظننا أن سماعك لنا أقرب ، واستجابتك لنصيحتنا أسرع ، ولو كان ثمن ذلك أن تتنازلي عن بعض حقك ، وأن تعفي عمن ظلمك ، فلا بأس ؛ ومن الذي يزعم أن التنازل عن بعض الحقوق ، والعفو عن المظالم عيب أو نقصان ، بل هو الكمال كل الكمال .
روى مسلم في صحيحه (2588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ )
وأما الحديث إلى زوجك ، أو العتاب له ، فهو حديث الناصح الشفيق ، وعتاب ممن يحبون له الخير ، ويخشون عليه عاقبة الليالي ، ويحذرونه من أن يطيع إبليس ويفرحه ، ويعصي الرحمن جل جلاله ويغضبه .
أما طاعته لإبليس ، فقد روى مسلم في صحيحه (2813) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ ؛ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ؛ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا !! قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ؟! قَالَ : فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ !! قَالَ الْأَعْمَشُ : أُرَاهُ قَالَ : فَيَلْتَزِمُهُ !! )
وأما أنه يغضب الرحمن ويعصيه ، فليسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( َاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ .. ) رواه مسلم (1218)
أفهكذا يكون أمان الله ، يا عبد الله ؟!!
أوهكذا تفعل بكلمة الله ، يا عبد الله ؟!!
أهكذا تفعل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال لك : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وقال صلى الله عليه وسلم : وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
أوهكذا يكون المعروف ، وقد قال الله : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
أو هكذا تكون الرعاية ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وكلكم مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .
أما سمعت الصحابي الجليل ، عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو ، رضي الله عنه ، وقد دخل عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ، الوالي الظالم ، فَقَالَ له الصحابي : ( أَيْ بُنَيَّ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ ؛ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ !! ) رواه مسلم (1830) .
أما تخشى أن تكون ـ أنت ـ منهم .
هل سمعت من قبل يا عبد الله أن للمرض سنا ، وأنه يشترط لوجود الصداع زمان أو مكان ؟!!
ما سمعنا بأعجب من هذا ولا أغرب !!
أم لعلك تحتاج دليلا ؟! فاسمع يا عبد الله :
عن عائشة قالت : (رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وا رأساه فقال بل أنا يا عائشة وا رأساه) رواه ابن ماجه (1465) ، صححه الألباني في تخريج المشكاة (5970).
وينبغي أن تتذكر أيها الأخ المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وللسيدة عائشة رضي الله عنها ثمانية عشر عاما ، مما يعني أن شكواها هذا الصداع كان في حداثة سنها قبل الثامنة عشرة ، فصدقها النبي صلى الله عليه وسلم وتفاعل معها وجدانيا ، وسئلت السيدة عائشة رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ . رواه البخاري (676) .
فهذا الدليل إن كنت تحتاجه ، وما نظنك تحتاج دليلا ، أن تحتاج أن تعمل ؛ الطريق أمامك ، لكنك لا تسير !!
الحديث إليك طويل ، ذو شجون ، يا عبد الله ، ومن لم ينفعه القليل ، لم ينفعه الكثير !!
فاحذر يا عبد الله أن تبتلى يوما ، وتحتاج هذه المرأة الضعيفة أن تحملك ، وتقوم بأمرك ؛ أفتحب أن تعاملك بمثل ما تعاملها به ؟!!
أم تحب أن تكون هي أكرم منك ، وتصدقك ، وأنت تكذبها ، وتحملك ، وأن تضيعها ، وترفق بك ، وأنت تشق عليها ، وتحلم عليك ، وأنت تجهل عليها ؟!!
والله إن أحلاهما مر !!
فاختر لنفسك طريق الإحسان يا عبد الله : ( هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ) (الرحمن:60)
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
* * * * * * * * مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ**** لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

ما شاء الله عليك..

مجهود طيب تشكر عليه..

جاري تثبيت الموضوع..




نورتو





السسلام عليكم
يزاك الله خير
يعطيك العافيه
موفق ان ششاء الله





يزاكم الله خير
تسلم الايادي





وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهما شاء اللهموفقييين ان شاء اللهتسلم الايادي