عنوان الموضوع : غزوة حنين ابا بحث تعاالوا دخلوو؟؟.. اماراتي
مقدم من طرف منتديات بيت الامارات النسائي


ابااااااااااااا بحث لو سمحتوا عن
غزوة حنين




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

حصلت هالمعلومات ..هذا الي قدر عليه :


وافقت أحداث هذه الغزوة السابع من شهر شوال، من السنة الثامنة من هجرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ودارت رحاها في وادي حنين، وهو وادٍ إلى جنب ذي المجَاز، بينه وبين مكة سبعة وعشرون كيلو مترًا تقريبًا، من جهة عرفات‏. وكان عدد المسلمين الذين اجتمعوا في هذه المعركة اثنا عشر ألفًا؛ عشرة آلاف من أهل المدينة، وألفين من أهل مكة .



* سبب الغزوة :



لقد كان فتح مكة كما قال ابن القيم ‏:‏ " الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمـين، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدي للعالمين، من أيدي الكفار والمشركين. وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء...ودخل الناس به في دين الله أفواجًا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجًا " .



وكان لهذا الفتح الأعظم رد فعل معاكس لدى القبائل العربية الكبيرة القريبة من مكة، وفي مقدمتها قبيلتا ( هوزان ) و( ثقيف ). فقد اجتمع رؤساء هذه القبائل، وسلموا قياد أمرهم، إلى مالك بن عوف سيد ( هوزان ). وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم .



* مجريات الغزوة ووقائعها :



وكان مالك بن عوف رجلاً شجاعًا ومقدامًا، إلا أنه كان سقيم الرأي، وسيء المشورة؛ فقد خرج بقومه أجمعين، رجالاً ونساء وأطفالاً وأموالاً؛ ليُشعر كل رجل وهو يقاتل أن ثروته وحرمته وراءه فلا يفر عنها. وقد اعترضه في موقفه هذا دريد بن الصمة - وكان فارسًا مجربًا محنكًا، قد صقلته السنون، وخبرته الأحداث - قائلاً له: وهل يرد المنهزم شيء؟ إن كانت الدائرة لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك: فضُحْتَ في أهلك ومالك. فسفَّه مالك رأيه، وركب رأسه، وأصر على المضي في خطته، لا يثنيه عن ذلك شيء .



وانتهى خبر مالك وما عزم عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يجهز جيشه، ويعد عدته لمواجهة هذا الموقف. وكان مالك بن عوف قد استبق زمام المبادرة وتوجه إلى حنين، وأدخل جيشه بالليل في مضائق من ذلك الوادي، وفرق أتباعه في الطرق والمداخل، وأصدر إليهم أمره، بأن يرشقوا المسلمين عند أول ظهور لهم، ثم يشدوا عليهم شدة رجل واحد ‏.‏



وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد عبأ جيشه بالسَّحَر، وعقد الألوية والرايات، وفرقها على الناس، وقبل أن يبزغ فجر ذلك اليوم، استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بما كان قد دُبِّر لهم بليل. وبينما هم ينحطون على ذلك الوادي، إذا بالنبال تمطر عليهم من كل حدب وصوب، وإذا بكتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانهزم المسلمون راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة لذلك الجمع الكبير ‏.‏



وانحاز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، وهو يقول‏:‏ ( إلي يا عباد الله، ‏أنــا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ‏)‏ ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار ‏.‏



وقد روى لنا العباس رضي الله عنه هذا الموقف العصيب، وصوَّره لنا أدق تصوير، فقال: ( شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والكفار، ولَّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَلَ الكفار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي عباس ! نادِ أصحاب السَّمُرَة - أي: أصحاب بيعة العقبة - فقال عباس : أين أصحاب السمرة ؟ قال: فوالله لكأَن عَطْفَتَهم حين سمعوا صوتي، عَطْفة البقر على أولادها - أي: أجابوا مسرعين - فقالوا: يا لبيك يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار...فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: حمي الوطيس ، قال: ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات، فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: انهزموا ورب محمد ، قال: فذهبت أنظر، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلاً، وأمرهم مدبرًا - يعني قوتهم ضعيفة، وأمرهم في تراجع وهزيمة - ) هذه رواية مسلم في "صحيحه". وقد فرَّ مالك بن عوف ومن معه من رجالات قومه، والتجؤوا إلى الطائف، وتحصنوا بها، وقد تركوا وراءهم مغانم كثيرة، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرهم فريقًا من الصحابة، حاصروهم، وقاتلوهم حتى حسموا الأمر معهم .



وهذا الحدث وما رافقه من مجريات ووقائع، هو الذي أشار إليه سبحانه وتعالى، بقوله‏:‏ ‏{‏ ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }‏ (‏التوبة‏:‏25-26) .



لقد كان موقف رسول الله وثباته في هذه المعركة مع قلة من الصحابة دليلاً ناصعًا، وبرهانًا ساطعًا على عمق إيمانه بالله، وثقته بنصره وتأييده، وتحققه بأن نتيجة المعركة سوف تكون إلى جانب الحق. وإنك لتبصر صورة نادرة، وجرأة غير معهودة في مثل هذه المواقف؛ فقد تفرقت عنه صلى الله عليه وسلم الجموع، وولوا الأدبار، لا يلوي واحد منهم على أحد، ولم يبق إلا رسول الله وسط ساحات الوغى، حيث تحفُّ به كمائن العدو من كل جانب، فثبت ثباتًا عجيبًا، امتد أثره إلى نفوس أولئك الفارين، فعادت إليهم من ذلك المشهد رباطة الجأش، وقوة العزيمة .



* موقف أم سليم :



ومن المواقف المشرفة في هذه المعركة موقف الصحابية أم سُليم رضي الله عنها، وكانت مع زوجها أبي طلحة رضي الله عنه. وقد روت كتب الحديث والسِّيَر بسند صحيح وقائع خبرها، فعن أنس رضي الله عنه، أن أم سليم رضي الله عنها اتخذت يوم حنين خنجرًا، فكان معها فرآها أبو طلحة ، فقال: يا رسول الله ! هذه أم سليم ، معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا الخنجر ؟ قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، قالت: يا رسول الله اقتل من بعدنا من الطلقاء، انهزموا بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أم سليم! إن الله قد كفى وأحسن ) .



* تداعيات هذه الغزوة :



ثم إن من تداعيات هذه المعركة، ما كان من مسألة تقسيم الغنائم - وقد غنم المسلمون مغانم كثيرة في هذه المعركة - وكانت هذه القسمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مبنية على سياسة حكيمة، لكنها لم تُفْهَم أول الأمر، فأُطْلِقتْ ألسنة شتى بالاعتراض‏، والقيل والقال .



وحاصل خبر تداعيات تقسيم الغنائم، ما رواه ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال‏:‏ لما أعطى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت فيهم القَالَةُ - يعني كثرة الكلام بين الناس - حتى قال قائلهم‏:‏ لقي - واللّه - رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال‏:‏ يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك في أنفسهم، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء‏.‏ قال‏:‏ ‏( ‏فأين أنت من ذلك يا سعد‏ ؟ ‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي‏.‏ قال‏:‏ ‏( ‏فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة‏ )‏‏.‏ فخرج سعد ، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا‏.‏ وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد ، فقال‏:‏ لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحمد اللّه، وأثنى عليه، ثم قال‏:‏ ‏( ‏يا معشر الأنصار، ما قَالَة بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها عليَّ في أنفسكم‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه‏؟‏ وعالة فأغناكم اللّه‏؟‏ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم ‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بلى، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفضل. ثم قال‏:‏ ‏( ‏ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بماذا نجيبك يا رسول اللّه‏؟‏ للّه ورسوله المن والفضل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ‏:‏ أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك. ‏أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم فيَّ لَعَاعَةٍ من الدنيا - يعني شيئًا تافهًا - تَألفَّتُ بها قومًا ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم‏؟‏ ألا ترضون يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكتُ شِعب الأنصار. وإنكم ستلقون أثرة من بعدي، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ‏) فبكي القوم حتى اخضلت - تبللت - لحاهم، وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرق الجمع‏ .



* الدروس والعبر المستفادة :



لقد كانت غزوة حنين هذه درسًا عظيمًا في العقيدة الإسلامية، وممارسة عملية لفهم قانون الأسباب والمسببات؛ فإذا كانت وقعة بدر قد علَّمت الجماعة المسلمة أن القلة إذا كانت مؤمنة بالله حق الإيمان، وآخذة بأسباب النصر، لا تضر شيئًا في جنب كثرة الأعداء؛ فإن غزوة حنين قد علمت تلك الجماعة درسًا جديدًا، حاصله أن الكثرة الكاثرة لا تغني شيئًا، ولا تجدي نفعًا في ساحات المعركة، إذا لم تكن قد تسلحت بسلاح العقيدة والإيمان، وإذا لم تكن قد أخذت بأسباب النصر وقوانينه. فالنصر والهزيمة ونتائج المعارك لا يحسمها الكثرة والقلة، وإنما ثمة أمور أخر ورائها، لا تقل شأنًا عنها، إن لم تكن تفوقها أهمية واعتبارًا، لتقرير نتيجة أي معركة .



فكانت حنين بهذا درساً، استفاد منه المسلمون غاية الفائدة، وتعلموا منه قواعد النصر وقوانينه، قال تعالى: { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم } (محمد:7) .



ويدل موقف أم سليم في هذه المعركة على مدى حرص الصحابيات رضي الله عنهن على مشاركتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته، وتبليغ رسالته، ومواجهة أعدائه .



ومن الدروس المستفادة من هذه المعركة، والعبر المستخلصة منها، حكمة سياسة النبي صلى الله عليه وسلم في تقسيم الغنائم وتوزيعها، فقد اختص في هذه المعركة الذين أسلموا عام الفتح بمزيد من الغنائم عن غيرهم، ولم يراع في تلك القسمة قاعدة المساواة بين المقاتلين. وفي هذا دلالة على أن لإمام المسلمين أن يتصرف بما يراه الأنسب والأوفق لمصلحة الأمة دينًا ودنيا .



ويستفاد من بعض تصرفاته صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، أن الدافع الأول وراء مشروعية الجهاد، هو دعوة الناس إلى دين الإسلام، وهدايتهم إلى الطريق المستقيم، وإرشادهم إلى الدين القويم، وهو الهدف الأساس الذي جاءت شريعة الإسلام لأجله؛ ولم يكن الهدف من مشروعية تلك الغزوات تحقيق أهداف اقتصادية، ولا تحصيل مكاسب سياسية. يشهد لهذا المعنى موقفه صلى الله عليه وسلم من مالك بن عوف - وكان المحرك الأساس، والموجه الأول لمعركة حنين - فقد سأل صلى الله عليه وسلم أصحابه عن مالكٍ، فقالوا: إنه بالطائف مع ثقيف، فقال لهم: أخبروه، أنه إن أتى مسلمًا رددت عليه أهله وماله، وأعطيته مئة من الإبل، فأُخبر مالك بذلك، فجاء يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه، فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مئة من الأبل، وأسلم فحسن إسلامه. والخبر ذكره ابن إسحاق .



كل هذا - وغيره كثير - يدل دلالة واضحة على أن الجهاد في أصله ليس إلا ممارسة لوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن الوظيفة الأساس من الجهاد، والهدف المرام من تشريعه، دعوة الناس إلى الدين الحق، وضمان حريتهم في اعتناق هذا الدين .





__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

https://sirah.al-islam.com/Display.asp?f=zad3093



فصل في غزوة حنين
وتسمى غزوة أوطاس وهما موضعان بين مكة والطائف ، فسميت الغزوة باسم مكانها ، وتسمى غزوة هوازن ، لأنهم الذين أتوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن إسحاق : ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة ، جمعها مالك بن عوف النصري ، واجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها ، واجتمعت إليه مضر وجشم كلها ، وسعد بن بكر ، وناس من بني هلال ، وهم قليل ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء ولم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب وفي جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ليس فيه إلا رأيه ومعرفته بالحرب وكان شجاعا مجربا ، وفي ثقيف سيدان لهم وفي الأحلاف قارب بن الأسود ، وفي بني مالك سبيع بن الحارث وأخوه أحمر بن الحارث وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري ، فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة ، فلما نزل قال بأي واد أنتم ؟ قالوا : بأوطاس . قال نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصبي ويعار الشاء ؟ قالوا : ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم . قال أين مالك ؟ قيل هذا مالك ودعي له . قال يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء ؟ قال سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم . قال ولم ؟ قال أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم . فقال راعي ضأن والله وهل يرد المنهزم شيء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ، ثم قال ما فعلت كعب وكلاب ؟ قالوا : لم يشهدها أحد منهم .

قال غاب الحد والجد لو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب فمن شهدها منكم ؟ قالوا : عمرو بن عامر ، وعوف بن عامر ؟ قال ذانك الجذعان من عامر لا ينفعان ولا يضران . يا مالك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ، ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ثم الق الصباة على متون الخيل فإن كانت لك ، لحق بك من وراءك ، إن كانت عليك ، ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك . قال والله لا أفعل إنك قد كبرت وكبر عقلك والله لتطيعنني يا معشر هوازن ، أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري ، وكره أن يكون لدريد فيها ذكر ورأي فقالوا : أطعناك ، فقال دريد هذا يوم لم أشهده ولم يفتني .


يا ليتني فيها جذع

أخب فيها وأضع

أقود وطفاء الزمع

كأنها شاة صدع


ثم قال مالك للناس إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ثم شدوا شدة رجل واحد وبعث عيونا من رجاله فأتوه وقد تفرقت أوصالهم قال ويلكم ما شأنكم ؟ قالوا : رأينا رجالا بيضا على خيل بلق والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى ، فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد .

ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد جمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر .

فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ، ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعا وسلاحا ، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا غدا ، فقال صفوان أغصبا يا محمد ؟ قال " بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك " ، فقال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ، ففعل

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة ، مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح الله بهم مكة ، وكانوا اثني عشر ألفا ، واستعمل عتاب بن أسيد على مكة أميرا ، ثم مضى يريد لقاء هوازن .

قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبد الله ، قال لما استقبلنا وادي حنين ، انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا . قال وفي عماية الصبح وكان القوم سبقونا إلى الوادي ، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه قد أجمعوا ، وتهيئوا ، وأعدوا فوالله ما راعنا - ونحن منحطون - إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد وانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد منهم على أحد ، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال إلى أين أيها الناس ؟ هلم إلي أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي والعباس وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، وأيمن ابن أم أيمن ، وقتل يومئذ .

قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن ، وهوازن خلفه إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه فبينا هو كذلك إذ أهوى عليه علي بن أبي طالب ، ورجل من الأنصار يريدانه قال فأتى علي من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانجعف عن رحله قال فاجتلد الناس . قال فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : ولما انهزم المسلمون ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر وإن الأزلام لمعه في كنانته وصرخ جبلة بن الحنبل - وقال ابن هشام : صوابه كلدة - ألا بطل السحر اليوم فقال له صفوان أخوه لأمه وكان بعد مشركا : اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربني رجل من قريش ، أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن .

وذكر ابن سعد عن شيبة بن عثمان الحجبي ، قال لما كان عام الفتح دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قلت : أسير مع قريش إلى هوازن بحنين فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة فأثأر منه فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها ، وأقول لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ، ما تبعته أبدا ، وكنت مرصدا لما خرجت له لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته فأصلت السيف فدنوت أريد ما أريد منه ورفعت سيفي حتى كدت أشعره إياه فرفع لي شواظ من نار كالبرق كاد يمحشني ، فوضعت يدي على بصري خوفا عليه فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداني : يا شيب ادن مني " فدنوت منه فمسح صدري ، ثم قال " اللهم أعذه من الشيطان " قال فوالله لهو كان ساعتئذ أحب إلي من سمعي ، وبصري ، ونفسي ، وأذهب الله ما كان في نفسي ، ثم قال " ادن فقاتل فتقدمت أمامه أضرب بسيفي ، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شيء ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حيا لأوقعت به السيف فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كرة رجل واحد وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها ، وخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كل وجه ورجع إلى معسكره فدخل خباءه فدخلت عليه ما دخل عليه أحد غيري حبا لرؤية وجهه وسرورا به فقال يا شيب الذي أراد الله بك خير مما أردت لنفسك " ، ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي ما لم أكن أذكره لأحد قط قال فقلت فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلت : استغفر لي . فقال " غفر الله لك

وقال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطلب ، قال إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة بغلته البيضاء قد شجرتها بها ، وكنت امرءا جسيما شديد الصوت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس إلى أين أيها الناس ؟ " قال فلم أر الناس يلوون على شيء فقال " يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار ، يا معشر أصحاب السمرة " ، فأجابوا : لبيك لبيك قال فيذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وقوسه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله ويؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا فكانت الدعوة أول ما كانت يا للأنصار ثم خلصت آخرا : يا للخزرج وكانوا صبرا عند الحرب فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون فقال الآن حمي الوطيس وزاد غيره .

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب


وفي " صحيح مسلم " : ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بها . في وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب محمد فما هو إلا أن رماهم فما زلت أرى حدهم كليلا ، وأمرهم مدبرا .

وفي لفظ له إنه نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل بها وجوههم وقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين .

وذكر ابن إسحاق عن جبير بن مطعم ، قال لقد رأيت - قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون يوم حنين - مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي فلم يكن إلا هزيمة القوم فلم أشك أنها الملائكة .

قال ابن إسحاق : ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ، ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال فرمي بسهم فقتل فأخذ الراية أبو موسى الأشعري وهو ابن أخيه فقاتلهم ففتح الله عليه فهزمهم الله وقتل قاتل أبي عامر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لعبيد أبي عامر وأهله واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك واستغفر لأبي موسى .

ومضى مالك بن عوف حتى تحصن بحصن ثقيف ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبي والغنائم أن تجمع فجمع ذلك كله ووجهوه إلى الجعرانة ، وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل أربعة وعشرين ألفا ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضة فاستأنى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقدموا عليه مسلمين بضع عشرة ليلة .

[ أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم
أول الناس منهم أبو سفيان وحكيم بن حزام ]

ثم بدأ بالأموال فقسمها ، وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل فقال ابني يزيد ؟ فقال " أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل " ، فقال ابني معاوية ؟ قال " أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل " ، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ثم سأله مائة أخرى فأعطاه وأعطى النضر بن الحارث بن كلدة مائة من الإبل وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي خمسين وذكر أصحاب المائة - وأصحاب الخمسين - وأعطى العباس بن مرداس أربعين فقال في ذلك شعرا ، فكمل له المائة . ثم أمر زيد بن ثابت بإحصاء الغنائم والناس ثم فضها على الناس فكانت سهامهم لكل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة . فإن كان فارسا أخذ اثني عشر بعيرا وعشرين ومائة شاة .

[ إرضاؤه صلى الله عليه وسلم الأنصار ]

قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن أبي سعيد الخدري قال لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش ، وفي قبائل العرب ، ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء . قال فأين أنت من ذلك يا سعد " قال يا رسول الله ما أنا إلا من قومي . قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة ؟ قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا ، وجاء آخرون فردهم فلما اجتمعوا ، أتى سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال " يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي ، وعالة فأغناكم الله بي ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال " ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله لله ولرسوله المن والفضل . قال " أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك أوجدتم علي يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وواديا ، وسلكت الأنصار شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار وواديها ، الأنصار شعار والناس دثار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار " قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا : رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسما وحظا ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا

[ قدوم أخته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ]

وقدمت الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فقالت يا رسول الله إني أختك من الرضاعة قال وما علامة ذلك ؟ قالت عضة عضضتنيها في ظهري ، وأنا متوركتك . قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وخيرها ، فقال إن أحببت الإقامة فعندي محببة مكرمة وإن أحببت أن أمتعك فترجعي إلى قومك " ؟ قالت بل تمتعني وتردني إلى قومي ، ففعل فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول وجارية فزوجت إحداهما من الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية . وقال أبو عمر فأسلمت فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعبد وجارية ونعما ، وشاء وسماها حذافة . وقال والشيماء لقب .





__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

غزوة حنين

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. ومع يوم من أيام الله الخالدة التي جعلها لرسوله عليه الصلاة والسلام، ومع الإمام محمد بن إسماعيل البخاري وهو ينتقل بنا في صحيحه إلى غزوة من غزوات المصطفى صلى الله عليه وسلم, ينتقل بنا من المدينة المنورة إلى وادي حنين
في تهامة بين الطائف ومكة , لينقل لنا مشهداً تاريخياً من المعركة العالمية التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه, وشارك فيها أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار, والتي ذكرها الله في كتابه في سورة التوبة فقال: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:25-27].

الرسول يواسي الأنصار بعد غزوة حنين

قال الإمام البخاري رحمه الله: (باب غزوة حنين) حدثنا محمد بن عبد الله -أي المسندي - حدثنا هشام حدثنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، قال: {أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض العرب الذين شهدوا حنيناً , كلاً منهم مائة ناقة، وترك الأنصار.
فاجتمع الأنصار وقالوا: غفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً وسيوفنا تقطر من دمائهم أفلا يعطينا؟!
فسمع عليه الصلاة والسلام ذلك, فجمعهم في حظيرة -وفي رواية الزهري في قبة من أدم- ثم أشرف عليهم وقال: يا معشر الأنصار, ما قالة بلغتني عنكم؟
قالوا: هو ما سمعت يا رسول الله، أما رؤساؤنا وفقهاؤنا فلم يقولوا شيئاً, وأما شبابنا فقالوا: غفر الله لرسول الله, يعطي قريشاً من المال ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقام عليه الصلاة والسلام خطيباً.
فقال: يا أيها الناس, صدقتموني وقد كذبني الناس، وآويتموني وقد طردني الناس، ونصرتموني وقد خذلني الناس.
فقالوا: لله المنة ولرسوله، فرفع صوته.
فقال: ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ قالوا: بلى.
قال: وأتيتكم فقراء فأغناكم الله بي؟ قالوا: بلى.
قال: وأتيتكم متخاذلين فألف الله بين قلوبكم بي؟ قالوا: بلى، والمنة لله ولرسوله.
فرفع صوته وقال: يا معشر الأنصار, أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير, وتعودون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالله لما تذهبون به إلى رحالكم خير مما يعود به الناس، يا معشر الأنصار, أنتم الشعار والناس الدثار, والله لو سلك الناس شعباً ووادياً لسلكت شعب الأنصار وواديهم، غفر الله للأنصار، ورحم الله الأنصار، ورحم الله أبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار, فارتفع بكاؤهم وقالوا: رضينا بالله رباً وبمحمد نبياً }.
هذه الرواية جمعها البخاري وبددها وصنفها في كتابه على حسب ما رأى من إخراجه الفني في الصحيح رحمه الله رحمة واسعة. وهذا الحديث حدث عالمي هائل، وهو من أرق الأحاديث في السيرة النبوية, وهذا الحديث من أعظم خطبه عليه الصلاة والسلام، رواه الجمع عن الجمع وتناقله الأنصار عن الأنصار, وهو أعظم حديث للأنصار رضوان الله عليهم وأرضاهم، وكانت هذه القصة في معركة حنين الخالدة التي تناقلها أهل التاريخ والسير باستفاضة, وهي معركة مذهلة ذكرها الله عز وجل في كتابه, وجعل قسماً من سورة التوبة في حدث هذه الغزوة.

أسباب غزوة حنين

أما سببها: فإن الرسول عليه الصلاة والسلام حين فتح الله عليه مكة وانتهى منها في السنة الثامنة, سمع أن أهل الطائف اجتمعوا على مالك بن عوف النصري وهو شاب ذكي أريب شجاع, عمره يقارب الأربعين سنة، وهو من شباب العرب الشجعان، جمع قبائل هوازن التي هي قبائل الطائف ومنها: عتيبة الآن, وقبائل ثقيف وشيء من قبائل غطفان ونجد ومعهم بعض بني تميم, فجمعهم جميعاً ثم قال: أيها الناس يظن محمد أنه إذا فتح مكة -يعني رسول الهدى صلى الله عليه وسلم- أنه سوف يأتينا في الطائف , ثم حلف باللات والعزى لنقاتلنه قتالاً ما سمعت العرب بمثل هذا القتال، ثم قال: نخرج إليه ونلاقيه واخرجوا معكم بالإبل وبالبقر وبالغنم وبالنساء والأطفال, وأما النساء والأطفال فاجعلوهم صفين خلفكم, واجعلوا الإبل صفاً, والبقر صفاً, والغنم صفاً, حتى يخرج الرجل وهو يعلم أن وراءه أهله وماله فيقاتل عن أهله وماله. فخرج بهم, وسمع رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل الشجاع العربي قد جمع قبائل العرب، وتوجه يريد ملاقاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قوام جيشه اثنى عشر ألفاً كلهم من أشجع العرب, وهم أرمى العرب على الإطلاق, لا يرمي راميهم بالسهام إلا أصاب, وتوجه بهم في كتائب تتدفق كالسيول.
الإعداد النبوي للغزوة

علم بذلك صلى الله عليه وسلم فقام خطيباً في الناس وأعلن الحرب على مالك بن عوف النصري , وعد كتائبه فكانت اثني عشر ألفاً من المقاتلين، فجعلهم عشر كتائب عليها عشرة قواد، ثم ذهب عليه الصلاة والسلام وتمركز في وادي حنين لأن المثل عند العرب: ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا " والرسول صلى الله عليه وسلم يخاف أن يتقدموا إلى مكة أو إلى المدينة فيصعب عليهم مقاتلتهم, فباغتهم عليه الصلاة والسلام فلاقاهم في وادي تهامة في أرض يقال لها حنين .
وبات عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة ومعه اثنا عشر ألفاً, فيهم المؤمن الصادق الإيمان من أمثال أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي ؛ الذي يقول أحدهم -من كثرة يقينه وإيمانه-: [[والذي لا إله إلا هو لو كشف الله لي الحجاب ورأيت الجنة والنار ما زاد إيماني ويقيني مثقال ذرة ]] وفيهم مسلمو الفتح الذين أسلموا ترغيباً وترهيباً, وأسلموا رجاء الغنائم, ولما يدخل الإيمان في قلوبهم.
ثم توقف عليه الصلاة والسلام فقال: من يحرسنا الليلة وله الجنة، فتبرع أصحابه وقاموا أمامه, وقال ابن أبي حدرد : أنا أحرسكم يا رسول الله على الشرط -أي على شرط الجنة- فصعد الجبل ومشى عليه الصلاة والسلام.
فلما اقترب الفجر قال الرسول صلى الله عليه وسلم لحارسه ابن أبي حدرد : انتبه للقوم فإنا نخاف منهم أن يباغتونا في غسق من الليل -وكان عليه الصلاة والسلام يعرف هذه الأمور والقوم من رماة العرب- وإنا نخاف إذا رمونا أن تفر منا الخيل والإبل فلا يثبت أحد.
فقال ابن أبي حدرد : لبيك وسعديك يا رسول الله، فقام في رأس الجبل, وكان مالك بن عوف النصري وقبائل العرب المقاتلة في جهة الوادي, والرسول عليه الصلاة والسلام في الجهة الأخرى, وابن أبي حدرد في رأس الجبل.
نام عليه الصلاة والسلام ونام أصحابه، فلما لمع الفجر وأذن المؤذن، قام صلى الله عليه وسلم فتوضأ وصلى ركعتي الفجر, وإذا بذاك الحارس سهر من أول الليل حتى أقبل الفجر ثم نام، وكان ذلك أمر الله: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الأحزاب:38] فقام صلى الله عليه وسلم لما سمع المؤذن يؤذن في الناس للصلاة, ولما صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم, وإذا الجبل كأن أعلاه أقبل على أسفله.
قال ابن أبي حدرد : استيقظت فإذا مالك بن عوف النصري في أول كتيبة كأنها السيل الجرار شاكون في السلاح, قوامها ألف وقد وصل إلى جانبي, ووالله لا يمكنني إلا أن أرفع صوتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال مالك بن عوف النصري : احبسوهم بالنبل, وكانوا من رماة العرب, فأخذوا يرمون من رءوس الجبال بالنبل, فصارت كالغمام على رءوس الناس، فطوقت معسكره عليه الصلاة والسلام, وأحدثت ذهولاً عاماً في الناس, وأخذت الخيول والإبل تفر في كل جهة.
فقام عليه الصلاة والسلام ودعا الناس إلى المعركة وإلى أن يستقبلوا مالك بن عوف النصري ؛ أما الجبل فأقبل بعضه على بعض، ونزل الاثنا عشر ألفاً من الجبل جميعاً, ووراءهم الإبل ثم البقر ثم الغنم, وبين الإبل والمقاتلة النساء والأطفال.
وقد قال دريد بن الصمة لـمالك قبل المعركة وكان حكيماً من حكماء هوازن، وقد كان رجلاً أعشى لا يبصر كثيراً, وهو شاعر مشهور قال: يا مالك ! إنني أسمع بكاء الصغير ورغاء البعير وثغاء الشاة, فلماذا جمعت الناس وجمعت هذا الجيش؟ قال: إني أخاف أن يفروا إذا علموا أن أهلهم في ديارهم وأموالهم.
قال: والله ما هذا بالرأي -ويحلف باللات- لا يرد المنهزم شيء.
فأراد الناس أن ينخذلوا عن مالك بن عوف النصري , فسل سيفه وهو في الجبل, ثم قال: يا معشر العرب, إما وافقتموني هذا اليوم، وإلا اتكأت على سيفي حتى يخرج من ظهري، فقالوا: وافقناك، فكان لسان حال دريد بن الصمة :
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد فنزلوا ووافقوا مالك بن عوف .

الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي أصحابه

وأما الرسول عليه الصلاة والسلام فنادى في الناس إلى الجبل, فأقبلت الكتائب, ولكن خانتهم الإبل والخيول ففرت، وفر كثير من الناس, بل الصحيح كما في السيرة لـابن إسحاق وغيره أنه لم يثبت إلا ثمانون, ثم فر الثمانون وثبت ستة, فأخذ صلى الله عليه وسلم ينادي في الناس ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله، فلما رأى أنهم فروا من بين يديه وأن الرجل يركب جمله ليأتي يؤم القوم ويأتي للقتال، فيطرد عنه الجمل، فيترك الجمل، ويهوي على أرجله في الأرض، ويأخذ سيفه وقوسه، ويأتي صاحب الفرس على فرسه، فيأبى الفرس أن يعود لأنه جفل, فينادي عليه الصلاة والسلام في الناس فلا يسمعون في الأخير لما رأى أن الدائرة خاف أن تدور على الإسلام وأهله، ومعنى ذلك أن هوازن تصفي حساب هذه الرسالة الخالدة, وسوف ينتهي الإسلام ويقطع دابره من الأرض, فترجل صلى الله عليه وسلم وكان على بغلته, وقال: {أنا ابن العواتك } فلما وصلت أرجله إلى الأرض سل سيفه وقال: { أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب }.
فانتسب إلى جده عليه الصلاة والسلام, والعرب أمة ذكية إذا رأت المعركة ورأت الجيوش تهدَّرت بالشعر.
قال أهل السير: الرسول عليه الصلاة والسلام لما رأى الموقف ورأى السيوف والرماح جاد خاطره بهذا البيت ليشجع نفسه, ويقول: {أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب }
وحرام عليه أن يفر؛ لأن الله قال: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84].
ثم قال: يا عباس ! يا عم رسول الله؛ إذ كان في الناس وكان معه بجانب بغلته وفي الجانب الآخر أبو سفيان بن الحارث ابن عمه من مسلمة الفتح الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكان العباس بن عبد المطلب جهوري الصوت, وكان كما يقول ابن حجر ينادي غلمانه من على سطح بيته وهم في الغابة فيسمعونه, قال: نادِ في الناس، فقال: يا معشر المهاجرين! يا معشر الأنصار! هلموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستجب أحد, لأن الخيول والإبل أخذتهم, ومسلمة الفتح أتى عليهم هذا الأمر سهلاً وطيباً؛ لأن بعضهم كان يضمر العداء للرسول عليه الصلاة والسلام, وكان منهم أبو سفيان بن حرب ؛ لأنه أسلم يوم الفتح في مكة وفي نفسه ما فيها على الإسلام.
فقال لما رأى كتائب الرسول عليه الصلاة والسلام تفر: ما يردهم اليوم إلا البحر. يعني: البحر الأحمر .
ويقول صفوان بن أمية : اليوم بطل السحر. يظن أن الرسالة سحر أبطل اليوم, والرسول صلى الله عليه وسلم نادى في الأنصار؛ لأنهم بايعوه يوم العقبة على أن يحموه مما يحموا منه أولادهم وأطفالهم ونساؤهم وأموالهم, فهو يذكرهم ذاك الميثاق والعهد الذي بينه وبينهم عليه الصلاة والسلام, وهو يذكرهم ذاك العقد الذي وقعوه والذي أتى به -كما يقول ابن القيم - أتى به جبريل, وأملاه رب السماوات والأرض, والمشتري الله عز وجل, والسلعة الجنة, والثمن أرواحهم: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة:111].
ناد يا أهل الشجر. قال: يا من بايع رسول الله تحت الشجرة, يا من تنزلت فيهم سورة البقرة, فلم يجب أحد، قال: ناد بني الخزرج وهم القبيلة الثانية من قبائل الأنصار, لأن الأنصار قبيلتان: الأوس والخزرج، فنادى في الخزرج فلم يجب أحد.

الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حمي الوطيس

قال: ناد في بني الحارث، وكانوا عشيرة واحدة, ولحمة واحدة قوامها ثمانون رجلاً من أشجع العرب على الإطلاق, كانوا يشربون الموت كما يشربون الماء، ومدحهم شعراء العرب وقالوا: كانوا إذا حضروا المعركة تحمر أحداقهم حباً للموت، فلما سمعوا: يا بني الحارث تشجعوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خصهم أمام الناس بهذا الاسم, فتواثبوا من خيولهم وإبلهم, ثم أخذوا أغماد سيوفهم وكسروها على ركبهم، ثم أتوا بالسلاح وهبوا لنجدة الرسول صلى الله عليه وسلم, وقد كان يقاتل من بعد الفجر إلى الضحى وما تأخر خطوة واحدة, بل وقف عليه الصلاة والسلام أمام الجيش , وأوقفهم في منتصف الجبل, فما تقدم منهم جندي واحد.
ثم أخذ حفنة من التراب ورمى بها وقال: {شاهت الوجوه } قال العباس : والله ما بقيت عين أحد منهم إلا وقعت فيه ذرة, فأخذت تدمع عيونهم.
فلما رأى بني الحارث أقبلوا على أقدامهم معهم السيوف فتح لهم صلى الله عليه وسلم طريقاً, فتقدموا بينه وبين الكتيبة الوسطى, كتيبة مالك بن عوف النصري ، فاقتتلوا معه حتى سُمع شظايا السيوف -أي: كسار السيوف- من على رءوس الناس, فقال عليه الصلاة والسلام: {الآن حمي الوطيس }.
قال أهل العلم: هو أول من قالها من العرب, وهو مَثَلْ, وحمي أي: اشتد، والوطيس: هو التنور الذي يخبز فيه, ومعناه أن الأمر ضاق, وأنه لا يفرجه إلا رب السماوات والأرض.
فأخذ بنو حارث يقاتلون حتى تكسرت كثيراً من سيوفهم, فأخذوا يعوضون من المسلمين سيوفاً، وتوارد الناس، والتحمت الكتائب بعده صلى الله عليه وسلم, وأخذ يرد هؤلاء على أعقابهم في أعلى الجبل, فأخذوا يتأخرون، فما أُذن لصلاة الظهر إلا وقد سُلسلوا في السلاسل وقيدوا في الأسلاب.
وأخذ عليه الصلاة والسلام يقول لـابن أبي حدرد : {خذ إليك السبي } أي: النساء والأطفال, أنت يا فلان عليك بالإبل, وأنت يا فلان عليك بالغنم، وأنت يا فلان عليك بالبقر.
قال ابن كثير : فجمع صلى الله عليه وسلم من الغنائم ألوفاً مؤلفة لا يعلمها إلا الله.
وقدر ابن إسحاق الغنم بأربعة وعشرين ألف رأس، والإبل بسبعة آلاف؛ لأنهم أهل بادية وهم أكثر العرب مواشي.
وتقدم عليه الصلاة والسلام إلى كتيبة مالك بن عوف النصري وهم ألف، وردهم على أعقابهم، فأعلنوا الهزيمة, ثم فروا وتركوا نساءهم وأطفالهم وإبلهم وبقرهم وغنمهم. فأخذ عليه الصلاة والسلام يلحق بهم هو والجيش.

شيبة بن عثمان في غزوة حنين

وبينما هو يطاردهم بالجبل عليه الصلاة والسلام، وإذا برجل من المسلمين اسمه شيبة بن عثمان ، وهو صاحب مفتاح الكعبة, والمفتاح في ذريته وفي نسله إلى اليوم, وقد أسلم يوم الفتح, وكان في قلبه شيء على الرسول عليه الصلاة والسلام.
قال: فخرجت معه إلى حنين والله ما كان من قصدي أن أنصره أو أقاتل معه, ولكن قصدي إذا سنحت لي فرصة أن أقتله, ومعي خنجر كخافية النسر جعلتها تحت إبطي سممتها بالسم شهراً.
ثم أخذ يلاحظ الرسول عليه الصلاة والسلام حتى يقترب منه فيغتاله.
قال: فاقتربت منه فوجدت عن يمينه العباس بن عبد المطلب فخفت الرجل، قلت: عمه لن يسلمه إليّ, وسوف يقتلني في الحال، فأتيت عن يساره فوجدت ابن عمه أبا سفيان بن الحارث ، فقلت: ابن عمه وسوف يقتلني في الحال، فتأخرت وراءه فأمكنتني الفرصة فتقدمت، وإذا شواظ من نار نزل من السماء, رجف له قلبي، فلم أرَ أمام بصري, فرجعت خلفي خطوتين, والله لقد كان يلتمع بصري حتى وضعت يدي على وجهي.
فالتفت إليّ صلى الله عليه وسلم وهو يتبسم وقال: يا شيبة ، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قلت: يا رسول الله, أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
قال: اللهم اغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ثم أخذه صلى الله عليه وسلم بيده، وما ذكرها لي بقية حياته عليه الصلاة والسلام. ثم فرَّ مالك بن عوف النصري إلى حصون الطائف ، فانطلق عليه الصلاة والسلام وراءه وقال للناس: عليكم بالسبي من النساء والأطفال أكرموهم، وعليكم بالإبل والبقر والغنم احصروها، وذهب عليه الصلاة والسلام بما معه من المقاتلين ولحقهم في حصون الطائف .

نهاية غزوة حنين

حاصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه مالكاً في الحصون, فمكثوا في حصونهم وأرسل له مالك بن عوف النصري -وكان رجلاً شهماً ذكياً- قال: يا رسول الله! إن العرب سوف تعيبنا أبد الدهر إذا نزلنا لك بالقوة، لكن اذهب فإذا أصبحت في الجعرانة فإنا سوف نأتيك مسلمين, وكأنا أتيناك نطلب الصلح. وكان الرسول عليه الصلاة والسلام لبيباً حليماً آتاه الله حسن الخلق: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159] فعاد صلى الله عليه وسلم وأمر الناس أن يعودوا.
النبي صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم

وصل عليه الصلاة والسلام الجعرانة وتأخر بالناس, وأعلن أنه يريد أن يؤدي عمرة, لئلا يتعجل الناس بالذهاب، فتأخر مالك بن عوف النصري قائد القبائل, لأنه سوف يأتي مسلماً فقام صلى الله عليه وسلم يوزع الغنائم, وانظر إلى المتأخرين وقت المغارم ووقت القتال يتقدمون.
فيأتي حكيم بن حزام وهو سيد من سادات قريش من مسلمة الفتح وهو ليس في الإسلام كـأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وكان يكسو الكعبة سنة, وقريش جميعها تكسو الكعبة سنة.
فقال: تقدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول الله! أعطني من مال الله، قال: يا حكيم : أتنظر الغنم التي بين الجبلين من غنم هوازن، قال: نعم، قال: هي لك، فأخذها، وأتى في النهار الثاني، وقال: أعطني يا رسول الله، قال: خذ مائة ناقة، وكان ذلك ليتألفه في الإسلام؛ لأنه إذا أسلم أسلم معه ألوف. فأتى في اليوم الثالث وهو يظن أن الدعوة مفتوحة, كل يوم مائة ناقة، فقال: يا رسول الله أعطني فأعطاه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا حكيم إن هذا المال حِلوٌ خضرٌ، وإن الله مستخلفكم فيه -شارك مسلم البخاري في هذه الرواية-فينظر ماذا تعملون فيه, فإياكم والدنيا، يا حكيم اليد العليا خير من اليد السفلى، اليد العليا هي التي تعطي واليد السفلى هي التي تأخذ، فقال حكيم : والله يا رسول الله, ما أسأل بعدك أحداً ولا أرزأ بعدك أحداً. فكان حكيم بن حزام متعففاً من أموال الناس, يسقط سوطه وهو على الفرس، فلا يسأل أحداً من الناس أن يرفعه له, بل ينزل يأخذ السوط، حتى أتى أبو بكر فأعطاه من بيت المال فرفض، وأعطاه عمر فرفض، وقال عمر يوم الجمعة: [[يا معشر المسلمين, أشهدكم على حكيم بن حزام أنني أعطيته عطاءه فأبى، فلا يكون خصمي يوم القيامة ]] قال حكيم : إنني قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدته، والله لا أرزأ أحداً بعده من الناس, فلن آخذ من أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً.




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

مشكورين وما قصرتوا بس انا كانت قصدي معركه حنين والسمووحه




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :