عنوان الموضوع : مراحل تطور المصحف؟ الصف التاسع
مقدم من طرف منتديات بيت الامارات النسائي


كيف تم مرحلة تطور المصحف ؟....
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20.




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



][
مراحل جمع القرآن الكريم وتطور كتابة المصحف الشريف وطباعته][





مراحل جمع القرآن
المتحصّل من جميع الروايات الواردة في جمع القرآن أنّ مراحل الجمع ثلاث:
الأولى: بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حفظاً وكتابةً، حيثُ حُفِظ في الصدور، وكُتِب على السطور في قراطيس وألواح من الرقاع والعسب واللخاف والاكتاف وغيرها. أخرج الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين، عن زيد بن ثابت، قال: "كنّا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نؤلّف ـ أي: نكتب ـ القرآن من الرقاع"
1
الثانية: على عهد أبي بكر، وذلك بانتساخه من العسب والرقاع وصدور الرجال وجعله في مصحفٍ واحد.

الثالثة: ترتيب السور على عهد عثمان بن عفّان، وحمل الناس على قراءة واحدة، وكتب منه عدّة مصاحف أرسلها إلى الأمصار، وأحرق باقي المصاحف.
جمع القرآن وشبهة التحريف
إنّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي أُثيرت حولها الشبهات، ودُسَّت فيها الروايات، وتذرّع بها القائلون بالتحريف فزعموا أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً، وأنّ كيفية جمعه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مستلزمةٌ في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه، حيثُ إنّ العادة تقتضي فوات شيءٍ منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم.
قال الرافعي: "ذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظنّ والتأويل واستخراج الأساليب الجدلية من كلِّ حكمٍ ومن كلِّ قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيءٌ حملاً على ما وصفوه من كيفية جمعه"
2.
إنّ امتداد زمان جمع القرآن إلى ما بعد حروب اليمامة، كما نطقت به الروايات، وتضارب الأخبار الواصفة لطريقة جمعه، أثارا الشبهة لدى الكثيرين، فعن الثوري أنّه قال: "بلغنا أنّ أُناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا يقرأون القرآن، أُصيبوا يوم مسيلمة، فذهبت حروف من القرآن"
3.
إنّ حقيقة جمع القرآن في عهد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) تُعدّ من الحقائق التاريخية الناصعة، التي لا تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء وإثارة الشبهات، وتعدّ أيضاً ضرورةً ثابتةً تاريخياً دامغةً لكلّ الأقاويل والشبهات، ولكل ما دُسّ من الأخبار والروايات حول هذه المسألة.

يتبع




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


جمع القرآن وشبهة التحريف



إنّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي أُثيرت حولها الشبهات، ودُسَّت فيها الروايات، وتذرّع بها القائلون بالتحريف فزعموا أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً، وأنّ كيفية جمعه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مستلزمةٌ في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه، حيثُ إنّ العادة تقتضي فوات شيءٍ منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم.
قال الرافعي: "ذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظنّ والتأويل واستخراج الأساليب الجدلية من كلِّ حكمٍ ومن كلِّ قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيءٌ حملاً على ما وصفوه من كيفية جمعه"1.
إنّ امتداد زمان جمع القرآن إلى ما بعد حروب اليمامة، كما نطقت به الروايات، وتضارب الأخبار الواصفة لطريقة جمعه، أثارا الشبهة لدى الكثيرين، فعن الثوري أنّه قال: "بلغنا أنّ أُناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا يقرأون القرآن، أُصيبوا يوم مسيلمة، فذهبت حروف من القرآن"2.
إنّ حقيقة جمع القرآن في عهد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) تُعدّ من الحقائق التاريخية الناصعة، التي لا تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء وإثارة الشبهات، وتعدّ أيضاً ضرورةً ثابتةً تاريخياً دامغةً لكلّ الأقاويل والشبهات، ولكل ما دُسّ من الأخبار والروايات حول هذه المسألة.
أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أجمع علماء الإمامية على أنّ القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يترك دنياه إلى آخرته إلاّ بعد أن عارض ما في صدره بما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة، وبما في مصاحف الذين جمعوا القرآن في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد اعتُبِر ذلك بحكم ما علم ضرورة، ويوافقهم عليه جمعٌ كبيرٌ من علماء أهل السنة، وجميع الشواهد والأدلة والروايات قائمةٌ على ذلك، واليك بعضها:
1 ـ اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته بمجرد نزولها، وممّا روي من الحثّ على حفظه، قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه، أدخله الله الجنّة، وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار"3، وفي هذا المعنى وحول تعليم القرآن أحاديث لا تحصى كثرة، فعن عبادة بن الصامت قال: "كان الرجل إذا هاجره دفعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى رجلٍ منّا يعلّمه القرآن، وكان لمسجد رسول الله ضجّة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا"4.
وقد ازداد عدد حُفّاظ القرآن بشكل ملحوظ لتوفر الدواعي لحفظه، ولما فيه من الحثّ من لدن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأجر والثواب الذي يستحقّه الحافظ عند الله تعالى ، والمنزلة الكبيرة والمكانة المرموقة التي يتمتّع بها بين الناس ، وحسبك ما يقال عن كثرتهم على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد عهده أن قُتِل منهم سبعون في غزوة بئر معونة خلال حياته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقُتل أربعمائة ـ وقيل: سبعمائة ـ منهم في حروب اليمامة عقيب وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحسبك من كثرتهم أيضاً أنّه كان منهم سيّدة، وهي أمُّ ورقة بنت عبد الله ابن الحارث، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يزورها ويسمّيها الشهيدة، وقد أمرها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تؤمّ أهل دارها5.
أمّا حفظ بعض السور فقد كان مشهوراً ورائجاً بين المسلمين، وكلّ قطعةٍ كان يحفظها جماعة كبيرة أقلّهم بالغون حدّ التواتر، وقلّ أن يخلو من ذلك رجلٌ أو أمرأةٌ منهم، وقد اشتدّ اهتمامهم بالحفظ حتى إنّ المسلمة قد تجعل مهرها تعليم سورة من القرآن أو أكثر.
2 ـ لا يرتاب أحدٌ أنّه كان من حول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كُتّاب يكتبون ما يملي عليهم من لسان الوحي ، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رتّبهم لذلك ، روى الحاكم بسندٍ صحيح عن زيد بن ثابت ، قال: "كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نؤلّف القرآن من الرقاع"6.
وقد نصّ المؤرخون على أسماء كُتّاب الوحي ، وأنهاهم البعض إلى اثنين وأربعين رجلاً ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم كلّما نزل شيءٌ من القرآن أمر بكتابته لساعته ، روى البراء: أنّه عند نزول قوله تعالى: ((لا يستوي القاعدون من المؤمنين)) (النساء4: 95) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ادعُ لي زيداً، وقُل يجيء بالكتف والدواة واللّوح، ثمّ قال: اكتب ((لا يستوي...))"7.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرف بنفسه مباشرة على ما يُكْتَب ويراقبه ويصحّحه بمجرد نزول الوحي، روي عن زيد بن ثابت قال: "كنتُ أكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان إذا نزل عليه الوحي أخَذَتْهُ برحاء شديدة... فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة، فأكتب وهو يُملي عليّ، فإذا فرغت قال: 'اقرأه'، فأقرؤه، فإن كان فيه سقط أقامه، ثمّ أخرج إلى الناس"8.
أمّا في مفرّقات الآيات فقد روي عن ابن عباس، قال: "إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب فيقول: 'ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا'"9 وذلك منتهى الدقّة والضبط والكمال.
3 ـ روي في أحاديث صحيحة "أنّ جبرئيل كان يعارض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن في شهر رمضان، في كلِّ عامٍ مرّة، وأنّه عارضه عام وفاته مرّتين"10 وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرض ما في صدره على ما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة، وكان أصحاب المصاحف منهم يعرضون القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعن الذهبي: "أنّ الذين عرضوا القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعة: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأُبي ابن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وأبو الدرداء"11.
وعن ابن قتيبة: "أنّ العرضة الأخيرة كانت على مصحف زيد بن ثابت"12، وفي رواية ابن عبد البرّ عن أبي ظبيان: "أنّ العرضة الأخيرة كانت على مصحف عبد الله بن مسعود"13.
4 ـ وفي عديد من الروايات أنّ الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله إلى آخره، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد شرّع لهم أحكاماً في ذلك، وكان يحثّهم على ختمه، فقد روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "إنّ لصاحب القرآن عند كلِّ ختم دعوةً مستجابةٍ"14. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من قرأ القرآن في سبعٍ فذلك عمل المقربين، ومن قرأه في خمسٍ فذلك عمل الصدّيقين"15. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من شهد فاتحة الكتاب حين يستفتح كان كمن شهد فتحاً في سبيل الله، ومن شهد خاتمته حين يختمه كان كمن شهد الغنائم"16. ومعنى ذلك أنّ القرآن كان مجموعاً معروفاً أوّله من آخره على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعن محمد بن كعب القرظي، قال: "كان ممّن يختم القرآن ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّ: عثمان، وعليّ، وعبد الله بن مسعود"17. وقال الطبرسي: "إنّ جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأُبي ابن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عدّة ختمات"18.
وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) "أنّه قد أمر عبد الله بن عمرو بن العاص بأن يختم القرآن في كلِّ سبع ليالٍ ـ أو ثلاث ـ مرّة، وقد كان يختمه في كل ليلة"19. وأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) سعد بن المنذر أن يقرأ القرآن في ثلاث، فكان يقرؤه كذلك حتى تُوفي20.
5 ـ كان الصحابة يدوّنون القرآن في صحف وقراطيس ولا يكتفون بالحفظ والتلاوة، فلعلك قرأت ما روي في إسلام عمر بن الخطّاب: "أنّ رجلاً من قريش قال له: أختك قد صبأت ؛ أي خرجت عن دينك، فرجع إلى أخته ودخل عليها بيتها، ولطمها لطمة شجّ بها وجهها، فلمّا سكت عنه الغضب نظر فإذا صحيفةٌ في ناحية البيت، فيها ((بسم الله الرحمن الرحيم، سبّح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم...)) (الحديد57: 1) واطّلع على صحيفة أُخرى فوجد فيها ((بسم الله الرحمن الرحيم، طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى...)) (طه20: 1) فأسلم بعدما وجد نفسه بين يدي كلامٍ معجزٍ ليس من قول البشر"21، وهذا يدلّ على أنهم كانوا يكتبون بإملاء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن هذا المكتوب كان يتناقله الناس.
6 ـ جمع القرآن طائفة من الصحابة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هم أربعة على ما في رواية عبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك22، وقيل: خمسة كما في رواية محمد بن كعب القرظي23، وقيل: ستة كما في رواية الشعبي24، وكذا عدّهم ابن حبيب في (المحبّر)25، وأنهاهم ابن النديم في (الفهرست) إلى سبعة26، وليس المراد من الجمع هنا الحفظ، لأنّ حفّاظ القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا أكثر من أن تُحصى أسماؤهم في أربعة أو سبعة، كما تقدّم بيانه في الدليل الأول، وفيما يلي قائمة بأسماء جُمّاع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي حصيلةٌ من جميع الروايات الواردة بهذا الشأن ؛ وهم:
1 ـ أُبي بن كعب. 2 ـ أبو أيوب الأنصاري. 3 ـ تميم الداري. 4 ـ أبو الدرداء. 5 ـ أبو زيد ثابت بن زيد بن النعمان. 6 ـ زيد بن ثابت. 7 ـ سالم مولى أبي حذيفة. 8 ـ سعيد بن عبيد بن النعمان، وفي الفهرست: سعد. 9 ـ عبادة بن الصامت. 10 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص. 11 ـ عبد الله بن مسعود. 12 ـ عبيد بن معاوية بن زيد. 13 ـ عثمان بن عفان. 14 ـ عليّ بن أبي طالب. 15 ـ قيس بن السكن. 16 ـ قيس بن أبي صعصعة بن زيد الأنصاري. 17 ـ مجمع بن جارية. 18 ـ معاذ بن جبل بن أوس. 19 ـ أُمّ ورقة بنت عبد الله بن الحارث، وبعض هؤلاء كان لهم مصاحف مشهورة كعليّ عليه السلام وعبد الله بن مسعود.
7 ـ إطلاق لفظ الكتاب على القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته الكريمة، ولا يصحّ إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور، بل لابدّ أن يكون مكتوباً مجموعاً، وكذا ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي"27، وهو دليلٌ على أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تركه مكتوباً في السطور على هيئة كتاب.
8 ـ تفيد طائفة من الأحاديث أنّ المصاحف كانت موجودة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الصحابة، بعضها تامّ وبعضها ناقص، وكانوا يقرأونها ويتداولونها، وقرر لها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) طائفةً من الأحكام، منها:
عن أوس الثقفي، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك ألفي درجة"28.
وعن عائشة، عن رسولالله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: +"النظر في المصحف عبادة"29
وعن ابن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "أديموا النظر في المصحف"30.
وعن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أعطوا أعينكم حظّها من العبادة،" قالوا: "وما حظّها من العبادة، يا رسول الله؟" قال: "النظر في المصحف، والتفكّر فيه، والاعتبار عند عجائبه"31.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "أفضل عبادة أُمّتي تلاوة القرآن نظراً"32.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قرأ القرآن نظراً مُتّع ببصره مادام في الدنيا"33.
وكلّ هذه الروايات تدلّ على أنّ إطلاق لفظ المصحف على الكتاب الكريم لم يكن متأخّراً إلى زمان الخلفاء، كما صرحت به بعض الروايات، بل كان القرآن مجموعاً في مصحف منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). ونزيد على ما تقدّم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لديه مصحف أيضاً، ففي حديث عثمان بن أبي العاص حين جاء وفد ثقيف إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال عثمان: "فدخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألته مصحفاً كان عنده فأعطانيه"34، بل وترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مصحفاً في بيته خلف فراشه ـ لا حسبما صرحت به بعض الروايات ـ مكتوباً في العسب والحرير والأكتاف، وقد أمر عليّاً عليه السلام بأخذه وجمعه، قال الإمام عليّ عليه السلام: "آليت بيمينٍ أن لا أرتدي برداء إلاّ إلى الصلاة حتّى أجمعه"35. فجمعه عليه السلام، وكان مشتملاً على التنزيل والتأويل، ومرتّباً وفق النزول على ما مضى بيانه.
وجميع ما تقدّم أدلّةٌ قاطعة وبراهين ساطعة على أنّ القرآن قد كتب كله على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تدويناً في السطور علاوة على حفظه في الصدور، وكان له أوّل وآخر، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرف بنفسه على وضع كلّ شيءٍ في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه، إذن فكيف يمكن أن يقال إنّ جمع القرآن قد تأخّر إلى زمان خلافة أبي بكر، وإنّه احتاج إلى شهادة شاهدين يشهدان أنّهما سمعاه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

يتبع




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


جمع القرآن في عهد ابي بكر وعمر



تتضارب الأخبار حول جمع القرآن في هذه المرحلة حتى تكاد أن تكون متكاذبة، وفيما يلي نورد بعضها لنبيّن مدى تناقضها ومخالفتها للأدلة التي ذكرناها آنفاً:
1 - عن زيد بن ثابت، قال: "أرسل إليِّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني، فقال: إنّ القتل استمرّ بقُرّاء القرآن، وإنّي أخشى أن يستمرّ القتل بالقُرّاء في المواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال عمر: هو والله خير. فلم يزل يراجعني حتّى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنّك شابّ عاقل، لا نتّهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتتبّع القرآن فاجمعه - فوالله لو كلّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن - قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتّى شرح الله صدري للذي شرح به صدر أبي بكر وعمر. فتتبّعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع غيره
((لقد جاءكم رسول...)) (التوبة 9: 128) حتّى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتّى توفّاه الله، ثمّ عند عمر حياته، ثمّ عند حفصة بنت عمر"1.
2 - وعن زيد بن ثابت أيضاً، قال: "قُبِضَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكن القرآن جمع في شيء"
2.
3 - ورُوي "أنّ أوّل من سمّى المصحف مصحفاً حين جمعه ورتّبه أبو بكر - وفي رواية: سالم مولى أبي حذيفة
3- وكان مفرّقاً في الأكتاف والرقاع. فقال لأصحابه: التمسوا له اسماً. فقال بعضهم: سمّوه إنجيلاً، فكرهوه. وقال بعضهم: سمّوه السفر، فكرهوه من يهود. فقال عبد الله بن مسعود: رأيتُ للحبشة كتاباً يدعونه المصحف، فسمّوه به"4.
4 - وعن محمد بن سيرين: "قُتِل عمر ولم يجمع القرآن"
5.
5 - وعن الحسن: "أنّ عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله، فقيل: كانت مع فلان، فقُتِل يوم اليمامة، فقال: إنّا لله، وأمر بالقرآن فجمع، فكان أوّل من جمعه في المصحف"
6.
هذه طائفةٌ من الروايات الواردة بهذا الخصوص، والملاحظ أنّ شبهة القول بالتحريف التي ذكرناها في أوّل بحث جمع القرآن مبتنيةٌ على فرض صحّة أمثال هذه الروايات الواردة في كيفية جمع القرآن، والملاحظ أنّه لا يمكن الاعتماد على شيءٍ منها، وقد اعترف محمد أبو زهرة بوجود رواياتٍ مدسوسةٍ فيها، والقارئ لهذه الروايات وسواها يتلمّس نقاط ضعفها على الوجه التالي:

1 - اضطراب هذه الروايات وتناقضها، فصريح بعضها أنّ جمع القرآن في مصحف كان في زمان أبي بكر، والكاتب زيد، وأنّ آخر براءة لم توجد إلا مع خزيمة بن ثابت، فقال أبو بكر: "اكتبوها، فإنّ رسول الله قد جعل شهادته بشهادة رجلين"
7، وظاهر بعض هذه الروايات أنّ الجمع كان في زمان عمر، وأنّ الآتي بالآيتين خزيمة بن ثابت، والشاهد معه عثمان، وفي حديث آخر: "جاء رجلٌ من الأنصار وقال عمر: لا أسألك عليها بيّنة أبداً، كذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)"8. وفي غيره: فقال زيد: من يشهد معك؟ قال خزيمة: لا والله ما أدري. فقال عمر: أنا أشهد معه"9. وظاهر بعض هذه الروايات أيضاً أنّ الجمع تأخّر إلى زمان عثمان بن عفان.
واضطربت الروايات في الذي تصدّى لمهمّة جمع القرآن زمن أبي بكر، ففي بعضها أنّه زيد بن ثابت، وفي أُخرى أنّه أبو بكر نفسه وإنّما طلب من زيد أن ينظر فيما جمعه من الكتب، ويظهر من غيرها أنّ المتصدّي هو زيد وعمر، وفي أُخرى أن نافع بن ظريب هو الذي كتب المصاحف لعمر"
10.
2 - لا تصحّ الرواية الثالثة ؛ لأنّ المصاحف واستحداث لفظها لم يكن في زمان أبي بكر، بل هي موجودة منذ زمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستخدمت هذه المفردة لهذا المعنى، وهو القرآن الذي بين الدفّتين، منذ فجر الرسالة كما تقدّم بيانه، وتقول هذه الرواية أنّ كلمة "مصحف" حبشيّة، بل هي عربية أصيلة، ولسان الحبشة لم يكن عربياً، ثمّ إنّهم لماذا تحيّروا في تسمية كتاب الله وهو تعالى سمّاه في محكم التنزيل قرآناً وفرقاناً وكتاباً.

3 - الملاحظ أنّ هذه الروايات تؤكّد على أنّ جمع القرآن كان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد تقدّم بطلان ذلك ؛ لأنّه كان مؤلّفاً مجموعاً على عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ بالمصاحف ويختم، وكان له كُتّاب مخصوصون يتولون كتابته وتأليفه بحضرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يشرف على أعمالهم بنفسه، وكان لدى الصحابة مصاحف كثيرة شُرّعت فيها بعض السنن، وكانوا يعرضون على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما عندهم باستمرار، وكان كثير من الصحابة قد جمعوا القرآن في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم).

4 - هذه الروايات مخالفة لما أجمع عليه المسلمون قاطبةً من أنّ القرآن لا طريق لإثباته إلا التواتر، فإنّها تقول إنّ إثبات بعض آيات القرآن حين الجمع كان منحصراً بشهادة شاهدين أو بشهادة رجلٍ واحدٍ، ويلزم من هذا أن يثبت القرآن بخبر الواحد أيضاً، وهي دعوى خطيرةٌ لا ريب في بطلانها، إذ القطع بتواتر القرآن سببٌ للقطع بكذب هذه الروايات أجمع وبوجوب طرحها وإنكارها ؛ لأنّها تثبت القرآن بغير التواتر، وقد ثبت بطلان ذلك بإجماع المسلمين، فهذه الروايات باطلة مادامت تخالف ما هو ثابت بالضرورة.

وإذا سلّمنا بصحة هذه الروايات، فإننا لا نشك في أنّ جمع زيد بن ثابت للمصحف كان خاصّاً للخليفة، لأنّه لا يملك مصحفاً تاماً، لا لعموم المسلمين، لأنّ الصحابة من ذوي المصاحف قد احتفظوا بمصاحفهم مع أنّها تختلف في ترتيبها عن المصحف الذي جمعه زيد، وكان أهل الأمصار يقرأون بهذه المصاحف، فلو كان هذا المصحف عاماً لكلِّ المسلمين لماذا أمر أبو بكر زيداً وعُمَرَ بجمعه من اللخاف والعسب وصدور الرجال؟ وكان بإمكانه أخذه تاماً من عبد الله بن مسعود الذي كان يملي القرآن عن ظهر قلب في مسجد الكوفة، والذي قال عنه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
"إذا أردتم أن تأخذوا القرآن رطباً كما أُنزل، فخذوه من ابن أُمّ عبد - أي من عبد الله بن مسعود "11.. والذي يروي عنه أنّه قال عندما طلب منه تسليم مصحفه أيام عثمان: "أخذت من في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعين سورة، وإنّ زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب مع الغلمان"12..
وبإمكانه أن يأخذه تامّاً من الإمام عليّ (عليه السلام) الذي استودعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن، وطلب منه جمعه عقيب وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجمعه وجاء به إليهم، فلم يقبلوه منه
13، وما من آيةٍ إلا وهي عنده بخطّ يده وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال أبو عبد الرحمن السلمي: "ما رأيت ابن أنثى أقرأ لكتاب الله تعالى من عليّ (عليه السلام)"14.
وبإمكانه أن يأخذه من أُبي بن كعب الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
"أقرأهم أُبي بن كعب". أو قال: "أقرأ أُمّتي أُبي بن كعب"15. أو يأخذه من الأربعة الذين أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس بأخذ القرآن عنهم، وهم: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل16، وكانوا أحياءً عند الجمع، أو يأخذه من ابن عباس حبر الأمّة وترجمان القرآن بلا خلاف، ولو سلّمنا أنّ جامع القرآن في مصحف هو أبو بكر في أيام خلافته، فلا ينبغي الشكّ في أنّ كيفية الجمع المذكورة بثبوت القرآن بشهادة شاهدين مكذوبةٌ ؛ لأنّ جمع القرآن كان مستنداً إلى التواتر بين المسلمين، غاية الأمر أنّ الجامع قد دوّن في المصحف ما كان محفوظاً في الصدور على نحو التواتر.

يتبع




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


جمع القرآن في عهد عثمــان



روى البخاري عن أنس: "أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن، فأكتبوه بلسان قريش، فإنّه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق. قال زيد: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنتُ أسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الاَنصاري: ((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)) (الأحزاب 33: 23) فألحقناها في سورتها في المصحف"1.
وهناك صور مختلفة وألفاظ شتّى لهذه الرواية، والملاحظ عليها جميعاً:
1 - كيف تفقد آية من سورة الاَحزاب، وقد اعتمد عين الصحف المودعة عند حفصة، والكاتب في الزمانين هو زيد بن ثابت؟ وقد كانت النسخة المعتمدة أصلاً كاملة إلاّ آخر براءة - كما تقدم - فهل كان الجمع الأول فاقداً لهذه الآية التي من الأحزاب ولسواها؟ أم أنّهم لم يعتمدوا النسخة التي عند حفصة؟ وهل ليس ثمة مصاحف وحفّاظ لهذه الآية إلاّ رجل واحد؟! من هذه الرواية وسواها تسرب الشكّ وبرزت الشبهة للذين يحلو لهم القول بتحريف القرآن، وقد رأيت أنّ مستندهم ضعيفٌ متهافتٌ لا يمكن الاعتماد عليه، ولا أدري هل من قبيل المصادفة أنّ الآية تضيع في زمان أبي بكر وتوجد عند خزيمة بن ثابت، وتضيع غيرها في زمان عثمان وتوجد عند خزيمة أيضاً، فهل كان خزيمة معدوداً في الذين جمعوا القرآن، أو الذين أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأخذ القرآن عنهم؟
2 - هذه الرواية ومثيلاتها مضطربةٌ في تعيين من تولى الكتابة لمصحف عثمان، وكذا الذي تولّى الإملاء، فصريح بعض الروايات أنّ عثمان عيّن للكتابة زيداً وابن الزبير وسعيداً وعبد الرحمن، وصريح بعضها الآخر أنّه عيّن زيداً للكتابة، وسعيداً للإملاء، وصريح بعضها أنّ المملي كان أُبي بن كعب، وأنّ سعيداً كان يعرب ما كتبه زيد، وفي بعضها أنّه عيّن رجلاً من ثقيف للكتابة، وعين رجلاً من هذيل للاِملاء، وعن مجاهد: "أنّ المملي أُبي بن كعب، والكاتب زيد بن ثابت، والذي يعربه سعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث"2.
3 - الملاحظ في جميع هذه الروايات، وكذا في الرواية المذكورة آنفاً، أنّ زيد بن ثابت قد اعتمد رجلاً واحداً في الشهادة على الآية، وهو أمر باطلٌ ؛ لأنه مخالف لتواتر القرآن الثابت بالضرورة والإجماع بين المسلمين.
ونحن لا نريد التشكيك في أنّ عثمان قد أرسل عدّة مصاحف إلى الآفاق، وقد جعل فيها عين القرآن المتواتر بين المسلمين إلى اليوم، ولكنّنا نخالف كيفية الجمع التي وصفتها الأخبار ونكذّبها ؛ لأنها تطعن بضرورة التواتر القاطع، ولا يشكّ أحد أنّ القرآن كان مجموعاً ومكتوباً على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومدوناً قبل عهد عثمان بزمنٍ طويل، غاية ما في الأمر أنّ عثمان قد جمع الناس على قراءةٍ واحدةٍ، وهي القراءة المتعارفة بينهم والمتواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنعهم من سائر القراءات الأخرى التي توافق بعض لغات العرب، وأحرق سائر المصاحف التي تخالف القراءة المتواترة، وكتب إلى الأمصار أن يحرقوا ما عندهم منها، ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة.
قال الحارث المحاسبي: "المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجهٍ واحدٍ، على اختيارٍ وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والانصار، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات"3.
ولم ينتقد أحدٌ من المسلمين عثمان على جمعه المسلمين على قراءةٍ واحدةٍ ؛ لأنّ اختلاف القراءة يؤدّي إلى اختلاف بين المسلمين لا تحمد عقباه، وإلى تمزيق صفوفهم وتفريق وحدتهم وتكفير بعضهم بعضاً، غاية ما قيل فيه هو إحراقه بقية المصاحف حتى سمّوه: حَرّاق المصاحف، حيث أصرّ البعض على عدم تسليم مصاحفهم كابن مسعود.
وقد نقل في كتب أهل السنة تأييد أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) لما فعله عثمان من جمع المسلمين على قراءةٍ واحدةٍ، حيث أخرج ابن أبي داود في (المصاحف) عن سويد بن غفلة قال: قال عليّ رضي الله عنه: "لا تقولوا في عثمان إلاّ خيراً، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاّ عن ملاٍَ منّا" ؛ قال: "ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أنّ بعضهم يقول: إنّ قراءتي خيرٌ من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفراً". قلنا: "فما ترى؟" قال: "أرى أن يُجْمَع الناس على مصحف واحد، فلا تكون خرقة ولا اختلاف". قلنا: "فنعم ما رأيت"4!
وروي أنّه (عليه السلام) قال: "لو وليّت لعملت بالمصاحف التي عمل بها عثمان"5،
وبعد تأييد أمير المؤمنين (عليه السلام) وخيار الصحابة المعاصرين لهذا العمل، بدأ التحوّل تدريجياً إلى المصاحف التي بعث بها عثمان إلى الآفاق، فاحتلّت مكانها الطبيعي، وأخذت بأزمّة القلوب، وبدأت بقيّة المصاحف التي تخالفها في الترتيب أو التي كُتِب فيها التأويل والتفسير وبعض الحديث والدعاء تنحسر بمرور الاَيام، أو تصير طعمة للنار، حتّى أصبحت أثراً بعد عين، وحفظ القرآن العزيز عن أن يتطّرق إليه أيّ لبس.
الخاتمة
لقد تبيّن من ثنايا البحث أنّ جميع المزاعم التي تذرّع بها المتربصون بالإسلام للقول بتحريف القرآن الكريم والكيد بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي تكفلت العناية الربانيّة بحفظه وصيانته، قد ذهبت أدراج الرياح، وما هي إلاّ كرمادٍ بقيعةٍ اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ، من خلال الأدلة الحاسمة التي ذكرناها والتي تؤكّد عدم وقوع التحريف في الكتاب الكريم، وأنّه بقي وسوف يبقى بإذن الله مصوناً من كلِّ ما يوجب الشكّ والريب.، فقد وقف علماء الشيعة وعلماء أهل السنة عموماً من روايات التحريف موقفاً سلبياً، ورفضوا القول بمضمونها وفنّدوه بما لا مزيد عليه، ورأوا في هذه الأخبار أنّها أخبار آحاد لا يمكن الاعتماد عليها في أمر يمسّ العقيدة التي لابدّ فيها من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة، ولا تكفي فيها الظنون ولا أخبار الآحاد. هذا بالإضافة إلى وجوه ضعف أُخرى تعاني منها هذه الأخبار، سواء من حيث دلالتها، أو من حيث ظروف صدورها، أو من حيث مرامي وأهداف وتوجّهات من صدرت عنهم. وفيما يلي نبين بعض أقوال علماء المسلمين التي تؤيد إجماع كلمة أهل الإسلام على نفي القول بوقوع التحريف في القرآن الكريم، وهذه الأقوال وسواها تقطع الطريق أمام كلّ محاولات الأعداء المغرضين والحاقدين ومن عداهم من السذّج والمغفّلين:
1 - الشيخ محمد محمد المدني عميد كلية الشريعة في الجامع الأزهر: "أما أنّ الإمامية يعتقدون نقص القرآن، فمعاذ الله، وإنّما هي روايات رويت في كتبهم، كما روي مثلها في كتبنا، وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها، وبينوا بطلانها، وليس في الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك، كما أنّه ليس في االسنة من يعتقده، ويستطيع من شاء أن يرجع إلى مثل كتاب (الإتقان) للسيوطي السُنّي ليرى فيه أمثال هذه الروايات التي نضرب عنها صفحاً، أفيقال إنّ أهل السنة ينكرون قداسة القرآن، أو يعتقدون نقص القرآن لروايةٍ رواها فلان، أو لكتابٍ ألّفه فلان"6؟!
2 - الإمام المحقق رحمة الله الهندي: "إنّ المذهب المحقّق عند علماء الفرقة الإمامية الإثني عشرية أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه هو ما بين الدفّتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، وأنّه كان مجموعاً مؤلّفاً في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) وحَفَظه ونَقَله أُلوفٌ من الصحابة"7.
3 - الدكتور محمد التيجاني السماوي: "لو جبنا بلاد المسلمين شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وفي كل بقاع الدنيا، فسوف نجد نفس القرآن بدون زيادة ولا نقصان، وإن اختلف المسلمون إلى مذاهب وفرق وملل ونحل، فالقرآن هو الحافز الوحيد الذي يجمعهم، ولا يختلف فيه من الأمة اثنان"8.
4 - السيد عليّ الميلاني: "إنّ المعروف من مذهب أهل السنة هو نفي التحريف عن القرآن الشريف، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وكتبهم في علوم القرآن"9.
5 - السيد جعفر مرتضى العاملي: "إنّنا لا يجب أن ننسى الجهد الذي بذله أهل السنة لتنزيه القرآن عن التحريف، وحاولوا توجيه تلكم الأحاديث بمختلف الوجوه التي اهتدوا إليها"10.
وغيرها من الشهادات الضافية التي لو ذكرناها جميعاً لطال بنا المقام، وجميعها تؤكّد أنّه ليس من أمرٍ اتفقت عليه كلمة المسلمين مثلما اتّفقت على تنزيه كتاب الله العزيز من كلِّ ما يثير الشكّ والريب قال تعالى: ((لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَينِ يَديهِ وَلا مِنْ خَلفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَميدٍ))11.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

يتبع




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :


تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته

تقديم



بقلم معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
المشرف العام على المجمع
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا، والصلاة والسلام على النبي العربي الأمي، المبعوث بالهدى ودين الحق، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد أنـزل الله القرآن الكريم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، فحفظه ووعاه، وأداه كما أوحاه الله إليه

وكان العرب أمّة أمية لا تكتب ولا تحسب، وكان اعتمادهم على الحفظ في صدورهم.
وكان القرآن يكتب في حياته صلى الله عليه وسلم وبأمره فيما تيسر من الوسائل المتاحة للكتابة في ذلك الزمن كاللخاف والعسب ونحوها.
ولما توفي عليه الصلاة والسلام وتولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة، وقتل كثير من القراء في حروب الردة أشار عمر رضي الله عنه على أبي بكر بجمع القرآن مخافة عليه من الضياع، فتم جمعه في صحف مجموعة بقيت عند أبي بكر مدة خلافته، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم آلت إلى حفصة - رضي الله عنها -، وهذه الصحف هي التي نسخت منها في عهد عثمان - رضي الله عنه - المصاحف، وبعث بها إلى الأمصار؛ لما ظهرت بوادر الاختلاف في القراءة؛ حماية للنص القرآني الكريم من أي تحريف .
ثم تنوعت مظاهر العناية بالقرآن الكريم- بعد الصدر الأول -، وبخاصة من ناحية كتابته وتجويدها، وتحسينها، ثم إعجام الحروف. ومهر جمهرة من الخطاطين على مرّ العصور ببراعة الخط وجماله، وكتبوا المصاحف الخاصة والعامة، وكان الغالب في كتابة المصاحف الخط الكوفي حتى القرن الخامس الهجري، ثم كتبت بخط الثلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم استقرت كتابتها بخط النسخ إلى وقتنا الحالي.
ومع ظهور الطباعة برزت عدة طبعات مبكرة للقرآن الكريم في أوربا، اكتنفتها دوافع مريبة ، ولم تلق الذيوع ولا القبول عند المسلمين؛ لما فيها من أخطاء شنيعة، ولمخالفتها قواعد الرسم العثماني.
كما صدرت بعد ذلك طبعات للقرآن الكريم في بلدان أخرى، إلا أنها لم يلتزم فيها الرسم العثماني.
وبقي الأمر على ذلك حتى طبع المصحف الذي كتبه الشيخ المقرئ أبو عيد رضوان بن محمد المخللاتي عام (1308 هـ) في المطبعة البهية بالقاهرة، وراعى فيه أصول الرسم والضبط، ووضع له ستة أنواع من علامات الوقف والابتداء.
ثم توالت طبعات المصحف الشريف في مصر، وغيرها من أقطار العالم الإسلامي.
وتعود بداية طباعة المصحف في المملكة العربية السعودية إلى عـــام (1369 هـ - 1949 مـ) عندما تمت طباعة مصحف باسم: مصحف مكة المكرمة، وتولَّت طباعته شركة مصحف مكة المكرمة.
ثم ظهر مصحف آخر في مدينة جدة عام (1399 هـ - 1979مـ) في مطابع الروضة، بعد مراجعته، والموافقة عليه من الجهة المختصة في المملكة.
وأصبحت عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن منهجًا متميزًا جديرًا بالإعجاب والتقدير؛ لما امتاز به من أسس واضحة، ومظاهر متعددة.
فمن ذلك جعل القرآن الكريم أساسًا لشؤون الحكم، ومناحي الحياة، وتوجيه العلوم والمعارف - في جميع مراحل التعليم - وجهة إسلامية، مستمدة من القرآن الكريم، والسنة المشرفة، إضافة إلى إقامة مدارس خاصة لتعليم القرآن الكريم، وإنشاء كليات وأقسام ومعاهد متخصصة به في الجامعات.
وأنشئت إذاعة مختصة بالقرآن الكريم، تبث الآيات المتلوَّة بأصوات أشهر القراء، وتقدم البرامج الممتعة النافعة، ويستمر بثها إلى عشرين ساعة يوميًا.
وتتشرف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، بالإشراف على ست عشرة جمعية لتحفيظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده، منتشرة في أنحاء المملكة.
وبالإشراف على تنظيم المسابقات الدولية والمحلية لحفظ القرآن الكريم، وتجويده وتفسيره، ومسابقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز؛ لتشجيع الحفظ، وتكريم المتسابقين من حملة كتاب الله.
ومن أروع مظاهر عناية المملكة بالقرآن الكريم إقامة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة النبوية، الذي تعتز وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالإشراف عليه، وهو أكبر صرح لطباعة القرآن الكريم، ويعد من مفاخر المملكة ومآثرها الجليلة في عهد خادم الحرمين الشريفين.
وقد سمي المصحف المطبوع فيه (مصحف المدينة النبوية) ، ولم يقتصر اهتمام المجمع على طباعة المصحف الشريف بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وفق أعلى مواصفات الدقة والجودة والإتقان، بل تخطاه إلى تسجيل تلاوة القرآن الكريم بأصوات مشاهير القراء، وإلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى أهم لغات العالم وأوسعها انتشارًا وطباعتها في طبعات متميزة في الجودة وحسن الإخراج، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .







المقدمة



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

فقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمة لا تعرف القراءة والكتابة إلا نـزرًا يسيرًا، فشجع أصحابه رضوان الله عليهم على تعلم القراءة والكتابة، وسلك في ذلك وسائل كثيرة، فراجت الكتابةُ في عصره، حتى بلغ كتَّاب الوحي أكثر من أربعين كاتبًا، وزادت الكتابة انتشارًا مع توسع الفتوح ودخول أمم جديدة في الإسلام.
وكتب الصحابة رضوان الله عليهم الوحي بالخط السائد في الحجاز المعروف بـ (( الجَزْم )) وهو مأخوذ من الخط الأنباري أو الحيري، وكذلك كتبت به صحف أبي بكر ومصاحف عثمان رضي الله عنهما.
ومع انتشار الفتوح، ودخول بلاد جديدة في الإسلام تحسّن الخط، وظهر ما يعرف بالخط المنسوب على يد رواد الخط العربي أمثال: قُطْبَة المحرِّر المتوفى سنة 131هـ‍، وأبي علي محمد بن مُقْلَة المتوفى سنة 328هـ‍، وأبي الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب المتوفى سنة 413هـ أو 423هـ، وياقوت بن عبد الله المستَعْصِمي المتوفى سنة 698هـ، وغيرهم.
وكان الغالب في كتابة المصاحف الخط الكوفي حتى القرن الخامس الهجري، ثم كُتبت بخط الثلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم كتبت بخط النسخ حتى وقتنا الحاضر.
وعندما عُرفت المطابع الحديثة في بعض البلاد الإسلامية والعربية كتركيا، ومصر، والشام، كان المصحف الشريف في مقدمة اهتماماتها، فطبع بأحجام مختلفة، إلا أنها سارت في ذلك على قواعد الرسم الإملائي الحديث حتى جاء العلامة الشيخ ((رضوان بن محمد المخَلَّلاتي )) المتوفى سنة 1311هـ، فكتب مصحفه الشهير الذي نسب إليه وطبع سنة 1308هـ ، على قواعد الرسم العثماني.
إن خدمة القرآن الكريم، والعناية بالمصحف الشريف شرف كبير يسعى المسلمون للفوز به، ورغم ما بذل في بعض البلاد الإسلامية من جهود في ذلك إلا أن أعظم عمل هو ما قامت به المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله، والذي تجلى في مظاهر متعددة.
وتمثلت أبرز مظاهر هذه العناية في إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله سنة 1405هـ /1984م.
يحاول هذا البحث استعراض مراحل تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته وعناية المملكة العربية السعودية بطبعه ونشره وترجمة معانيه، مستعينًا بما تيسر من مصادر، أو تقارير، ومحاولا الالتزام بالدقة في عرض المعلومة، وتوثيقها من مصادرها..
وذلك من خلال الفقرات التالية:
تطور الكتابة العربية.
كتابة القرآن الكريم.
نقط المصحف الشريف.
تجويد الخط العربي.
أدوات الكتابة العربية.
الزخرفة والتذهيب.
تاريخ الطباعة.
الطبعات المبكرة للمصحف الشريف.
عناية المملكة العربية السعودية بطبع المصحف الشريف ونشره، وترجمة معانيه

منقول..

ان شاء الله يفيدك والسموحة عالقصور..





السسلام عليكم
يزاج الله خير
ما قصصرتي





ثاااااااااااااانكس الرمش و ما قصرتي
تسلم يمناج
موفقة فديتج





السلام عليكم
يعطيج العافية خيتو
تسلم ايدج
اشكرج